تزاحم الحقوق فحكموا بعدم جواز تصرف الانسان في ماله بما لا ينفك عن التصرف في مال الغير أو اتلافه عينا أو منفعة فأصابوا في الاقتصار على مورد التزاحم لكن تسامحوا في التعليل والاستدلال وقالوا بان ذلك مقتضى قاعدة لا ضرر وحكومتها على قاعدة السلطنة مع أنه قد مر غير مرة ان السلطنة قاصرة بنفسها لا انها محكومة بلا ضرر فلولا قاعدة الضرر لقلنا بعدم السلطنة على التصرف الكذائي أيضا. نعم قد تعدي بعض بتطبيقها على المعاملات الضررية بتخيل ان اللزوم حكم شرعي وان لنفي الضرر عموم يشمل كل حكم شرعي ينشأ منه الضرر وان معنى نفي اللزوم اثبات الخيار القابل للاسقاط، وقد عرفت سابقا ان اللزوم من الآثار العادية لطبع العقد فان مقتضى ذاته البقاء والاستمرار فارتفاعه وانحلاله محتاج إلى مؤنة ودليل، وانه لا عموم له كذلك وإلا لزم أن يكون كل حكم تكليفي أو وضعي ينشأ منه الضرر ولو كان قليلا منتفيا فلا يجب تهيئة لوازم سفر الحج للمستطيع عند عدم امكان تحصيلها إلا بأزيد من قيمتها ولا يكون شرب الخمر أو اكل مال اليتيم عند الايعاد بأخذ مال من التارك حراما ولا يكون النكاح أو الطلاق أو غيرهما من المعاملات المعاوضية وغيرها لازما عند تضرر أحد الطرفين باللزوم ولو بالضرر العرضي أو المالي اليسير ولا ريب في أن الالتزام بهذا مشكل كما أن القول بالتخصيص الأكثر أشكل لا يقال انها قد حكمت في موارد الضرر البدني على الاحكام، فإنه يقال ان ذلك ممنوع أيضا فان عدم وجوب العبادة الضررية مثلا انما هو من جهة تنجز حرمة الاضرار بالنفس ولهذا يحكم بصحتها من الجاهل القاصر دون المقصر أو العالم، هذا مضافا إلى أنه لو سلم ان اللزوم من الأحكام الشرعية فنفي لزوم المعاملة أيضا حكم شرعي وليس من سنخ الخيار والحق القابل للنقل والاسقاط. ثم إن الأصحاب فرقوا بين اقدام المكلف على المعاملة الضررية وبين اقدامه على سبب الجنابة الموجب للغسل الضرري فالتزموا بعدم جريان القاعدة في الصورة الأولى وحكموا بجريانها في الصورة الثانية وقالوا بعدم وجوب الغسل الضرري في حقه مع أن الظاهر أنها من واد واحد ولذا وقع جمع من المتأخرين في حيص وبيص وصاروا بصدد بيان الفارق بوجوه أحسنها ان مبادلة ما يساوي بعشرة بنصفها ضررية كان في البين لزوم
(١٥٥)