تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ١١٣
الاستصحابات إجزاء أصلا فيتضح حينئذ وجه آخر لعدم جريان الاستصحاب في المقام، وهو عدم ترتب الأثر العملي عليه، لان حال النسيان لا يتوجه إليه الخطاب الثابت بالأصل، وبعده لا يتحقق أثر علمي من حيث التوسعة والتضيق على المكلف، ولعل هو الفارق بين المقام، وما يأتي في مسألة الاضطرار، حيث لم يتعرضوا للاستصحاب في المقام، مع تعرضهم له في المسألة الآتية، لترتب الأثر العملي عليه في تلك المسألة، كما يأتي إن شاء الله تعالى، نعم يمكن تقريب الاجزاء في المقام، بأن يقال: إن استصحاب الوجوب مع الجزم بعدم ثبوت واجبين في حق المكلف، لكن يرد عليه، إن عدم وجوب شئ آخر ليس حينئذ من آثار نفس المستصحب، حتى يترتب عليه الاستصحاب، وما لم يترتب الأثر العملي على المستصحب، لا يجري الاستصحاب، وأما حديث الرفع، فلا يجدي بالنسبة إلى ما بعد رفع النسيان، إلا بناء على ما عن العلامة الأستاذ " قده " من كون مساق حديث الرفع، تعين الواجب في الأقل، فيحرز به مصداق الواجب، فلا يبقى وجه حينئذ لجريان الاشتغال هذا، ولكن تقدم عدم صلاحية مثل هذا الحديث، لاثبات وجوب الأقل، وكونه تمام مصداق الواجب، نعم يثبت به كونه بعض مراتب الواجب، فلا يكون حينئذ حاكما على دليل وجوب المركب، الشامل لما بعد رفع النسيان بإطلاقه، فاطلاقه يقتضي الإعادة، أو القضاء بعد رفع النسيان، وأما دليل النسيان، فهو أيضا لا يثبت وجوب الأقل، لان ظاهره صورة نسيان أصل الطبيعة في تمام الوقت، لا بعضه، وبالجملة إطلاق دليل وجوب المركب محكم ما لم تقم حجة أخرى على الخلاف، ومع عدم إطلاقه، فالجزم بوجوب التكليف، والشك في المفرغ كاف في حكم العقل لتحصيل الجزم بالفراغ، هذا كله مقتضى الأصول والقواعد الأولية، وأما مقتضى القواعد الثانوية، فهو موكول إلى مباحثنا الفقهية، ولا بأس بالإشارة الاجمالية إلى قاعدة لا تعاد الصلاة.
(في قاعدة لا تعاد) فنقول هي ما يستفاد من قوله عليه السلام (لا تعاد الصلاة إلا من خمسة)، فإنه دليل على الصحة في صورة ترك شئ من غير الخمسة، أو زيادته سهوا، أو على البطلان في صورة
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»