تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ١٢٤
ولا ضرار ناظر إلى الاصرار على إضرار الغير، هذا بالنسبة إلى معنى اللفظين، وبيان الفرق بينهما، وظهر من ذلك إن الضرار ليس توكيدا للضرر المذكور أولا كما قيل.
والمقام الثاني في مدرك القاعدة، وهو أخبار كثيرة وردت في موارد مختلفة، وحيث إنها مستفيضة، وقد عمل الأصحاب بها، فيوثق بصدورها في الجملة، فلا داعي إلى لحاظ سند كل منها بالخصوص، والالتجاء إلى التصحيحات السندية، والعمدة منها في المقام، هو خبر سمرة، لأنه أصح سندا ودلالة، والاشكال الوارد عليه، هو إن الانسان، إذا كان له نخل في دار رجل، فله السلطنة على الدخول عليها وإصلاحها، والتردد إليها ، والمفروض إن قاعدة لا ضرر، بملاحظة سوقها في مقام الامتنان، لا تنفي سلطنة المالك على ماله، لأنه خلاف الامتنان، فمقتضى هذه القاعدة أن تكون حاكما على جميع أدلة الاحكام والتكاليف، إلا مثل السلطنة من الاحكام الارفاقية، فإنها أيضا امتنانية، لا منة في نفيها، لأنه خلاف الامتنان، ولكن الشيخ الأجل الأنصاري " قده " قال بحكومتها على تمام أدلة الاحكام، حتى السلطنة، وبالجملة إن لا ضرر لا ينفي الحكم الارفاقي، والمفروض إن السلطنة حكم إرفاقي، فلا يكون رافعا لها، ولذا قالوا بالخيار في المعاملة الغبنية، ومنع الخيار ينافي الارفاق، والقاعدة لو سلم تقدمها على تمام الخطابات، بملاك الحكومة، لكن موردها منحصر في الخطاب الذي لا ينافي رفعه الارفاق، فلا يمكن تطبيق لا ضرر على هذا المورد، ولذا استشكلوا على تطبيقه في قضية سمرة، فلا بد من حل هذا الاشكال، ويمكن حله بأن تطبيقه صلى الله عليه وآله على المورد، من جهة إضرار سمرة، حيث قال له النبي صلى الله عليه وآله: أعطيك في الجنة مثلها، الخ، فلم يقبل، فقال صلى الله عليه وآله حينئذ: أنت رجل مضار. لو كان تطبيقه على المورد صحيحا، لما احتاج إلى ذلك الالتماس، بل كان يقول صلى الله عليه وآله: إن أول الامر لا حق لك، بمقتضى لا ضرر، ويقدم القاعدة على السلطنة، فنكلف من ذلك إن تحكيمه صلى الله عليه وآله، كان بنحو الولاية، لا بملاك تقديم القاعدة على السلطنة، ولذا قال صل الله عليه وآله: أنت رجل مضار، أي كنت مصرا على الاضرار بالغير، وكيف كان فمدرك القاعدة معتبر، لا خدشة فيه، غاية الامر إنه يكون التطبيق في هذه الموارد مجملا، وهذا الاجمال لا يكون مضرا بالتمسك بالقاعدة، ولو كنا عاجزين عن وجه التطبيق، فلعله كانت خصوصية في تطبيقه على هذا المورد،
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»