ترك واحد منها، أو زيادة الركوع، أو السجود، الذين تتصور الزيادة فيهما أيضا، دون الوقت، والقبلة، والطهور، ولكون ما دل على الإعادة بالزيادة مطلقا، في عرض سائر أدلة الاجزاء والشرائط، والموانع، والقواطع، وشاملا للزيادة السهوية أيضا، لكن لتوهم المعارضة بينه وبين لا تعاد، بالنسبة إلى زيادة الركوع والسجود سهوا مجال لو لم يكن حديث نفي الإعادة حاكما عليه، وعلى ما في عرضه، فهذه الحاكمية بالنسبة إلى جميع أدلة الاجزاء والشرائط والموانع والقواطع وحكومته عليها، مقدم على الكل، من دون رعاية نسبة بينهما، فالمستفاد من حديث لا تعاد، هو صحة الصلاة المشتملة على الزيادة والنقيصة، إذا كانتا بغير الخمسة المستثناة، وبطلانها إذا كانتا بإحدى الخمسة، ولا ينافي مدلوله الأحاديث الأخرى.
منها ما في الحديث (يسجد سجدتي السهو لكل زيادة ونقيصة)، فإنه لاشتماله على وجوب السجدتين، لكل زيادة كانت من الخمسة، أو لم تكن، وكذا النقيصة، ولاختصاص مورده في الصلاة الصحيحة، إذ لا تجب سجدة السهو لاصلاح الباطلة منها بالضرورة، يكون منافيا لاثبات الإعادة، عند زيادة الركوع، أو السجود سهوا، فإنه مستلزم للحكم بالبطلان، ووجوب السجدتين مستلزم للصحة، فيتعارضان، ولا ريب في إنه لا حكومة لحديث لا تعاد، على هذا الحديث، لأنه أيضا مثله، ناظر إلى سائر الأدلة، وقد يقال في وجه تقديم لا تعاد، أنه لما كان بظاهره مختصا بصورة الاخلال السهوي بالزيادة، أو النقيصة، وكان دليل الصحة مطلقا شاملا لهذه الصورة وغيرها، من صورة وقوع الزيادة جهلا بالحكم، فتكون النسبة بينهما عموما وخصوصا مطلقا، فيخصص الثاني بالأخص منه، وهو حديث (لا تعاد)، للسهو والجهل بالحكم أيضا، غاية الامر ثبت انحصار مورده بالقرينة المنفصلة في الاخلال السهوي، فعلى هذا يكون كل من الحديثين، أعم من الاخر من وجه، فإن لا تعاد بظاهره يشمل صورة الجهل بالحكم، دون ما يحكم بوجوب سجدتي السهو لكل زيادة، فإنه مختص بالاخلال السهوي، كما لا يخفى، والثاني يشمل الخمسة وغيرها، ويفيد صحة الصلاة مطلقا، التزاما بخلاف لا تعاد، فيلزمنا الالتزام بالمعارضة، وعدم تقديم أحدهما على الاخر في مادة الاجتماع، ولكن مع هذا يتصور التقصي عن هذه المعارضة بوجوه.