تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ١١٥
الأول: إن خبر الصحة مطلقا، ليس متكفلا لبيان حكم السهو، من حيث صحة العمل وما يترتب على السهو في العمل الصحيح من سجدتي السهو، بل هو مسوق لبيان وظيفة الساهي في العمل الصحيح، وأما إن كلما وقع فيه زيادة أو نقيصة سهوية، فهو صحيح، فليس ناظر إليه، فمفاده إن الزيادة والنقيصة السهويتين، موجبتان للسجدتين، فيما إذا كان ما وقعتا فيه صحيحا، غير مختل الركن، لا إنهما لا يخلان بالصحة أصلا، وببيان آخر يمكن منع إطلاق هذا الخبر، بالنسبة إلى دلالته على صحة المنسي منه، والمزيد فيه، وعليه فلا معارضة بين (لا تعاد) وخبر سجدتي السهو، فإن أحدهما متكفل لبيان الصغرى، والاخر للكبرى.
الثاني: من الوجوه إنه لو سلم هذا الاطلاق، وقيل بدلالة خبر السجدتين على كلتا الجهتين، إحديهما صحة العمل مطلقا مع كل زيادة ونقيصة، ركنية كانتا أو غيرها، والأخرى وظيفة الساهي بإتيان السجدتين، أمكن أن يقال بأنه لما كان من المقرر في محله، إنه إذا وقع التعارض فيما بينهما العموم من وجه، إنما يحكم بالتساقط بالنسبة إلى مادة الاجتماع، فيما إذا لم يكن مرجح للاخذ بأحدهما بالخصوص، ورفع اليد عن الاخر، وأما على تقدير ثبوته، فلا يحكم به، وفي المقام لو أخذ بخبر الصحة، مع أي زيادة ونقيصة، يلزم لغوية الاستثناء، لان المستثني في (لا تعاد) زيادة الركوع والسجود ونقصهما سهوا، فلو لم تكونا موجبتين للبطلان بمقتضى خبر الصحة، لكان استثنائهما عن غير الأركان لغوا، فتصير صيانة الاستثناء عن اللغوية، مرجحة للاخذ (بلا تعاد)، صدرا وذيلا، وتخصيص خبر الصحة بغير مورد الاستثناء.
الثالث: إنه لو أغمض عن هذا أيضا، أمكن أن يقال إنه ولو لم يكن مقتضى قاعدة التعارض، رعاية النسبة المنقلبة بين المتعارضين، إلا أنه ربما يكون في بعض تعارض العلمين من وجه، ما يوجب الاخذ بأحدهما في مادة الاجتماع، لصيرورته كالخاص، فعنده يترتب على ما كان مترتبا، عند رعاية النسبة المنقلبة، ويشاركها في الثمرة والنتيجة، مثلا إذا ورد أكرم العلماء، ثم ورد لا تكرم الفساق، ثم ورد أكرم فساق العلماء، فحينئذ يخصص النهي بفساق غير العلماء، وتكون معارضة النهي عن إكرام الفساق، الشامل للعالم وغيره، مع الامر بإكرام العلماء، كانوا عدولا أو فساقا، بالنسبة إلى الفاسق من
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»