درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ٩٨
تمام قيوده التي منها الأخير لا يكاد يتصف بالمطلوبية فكيف يمكن تعلق الطلب بالفعل من دون ملاحظة تمام القيود التي يكون بها قوام المصلحة لأنا نقول عرفت انه قد يتعلق الطلب بما هو لا يكون مطلوبا في حد ذاته بل يكون تعلق الطلب لأجل ملاحظة حصول الغير والفعل المقيد بعدم الدواعي النفسانية وان لم يكن تمام المطلوب النفسي مفهوما لكن لما لم يوجد في الخارج الا بداعي الأمر لعدم إمكان خلو الفاعل المختار عن كل داع يصح تعلق الطلب به لأنه يتحد في الخارج مع ما هو مطلوب حقيقة كما لو كان المطلوب الأصلي إكرام الإنسان فإنه لا شبهته في جواز الأمر بإكرام الناطق لأنه لا يوجد في الخارج الا متحدا مع الإنسان الذي إكرامه مطلوب أصلي وكيف كان فهذا الأمر ليس أمرا صوريا بل هو امر حقيقي وطلب واقعي لكون متعلقه متحدا في الخارج مع المطلوب الأصلي نعم يبقى الإشكال في ان هذا الفعل أعني الفعل المقيد بعدم الدواعي النفسانية مما لا يقدر المكلف على إيجاده في مرتبة الأمر فكيف يتعلق الأمر به وقد عرفت جوابه في المقدمة الثالثة هذا وقد يقال في العبادات بان الأمر متوجه إلى ذات الفعل والغرض منه جعل المكلف قادرا على إيجاد الفعل بداعي الأمر الذي يكون موردا للمصلحة في نفس الأمر والعقل بعد التفاته إلى أخصية الغرض يحكم بلزوم الإطاعة على نحو يحصل به الغرض اما توجه الأمر إلى ذات الفعل فلعدم إمكان أخذ حصوله بداعي الأمر في المطلوب من جهة لزوم الدور واما ان العقل يحكم بلزوم إتيان الفعل بداعي امر فلأنه ما لم يسقط الغرض لم يسقط الأمر لأن الغرض كما صار سببا لحدوثه كذلك يصير سببا لبقائه لأن البقاء لو لم يكن أخف مئونة من الحدوث فلا أقل من التساوي والعقل حاكم بلزوم إسقاط الأمر المعلوم وفيه انه لا يعقل بقاء الأمر مع إتيان ما هو مطلوب به على ما هو عليه (1)

(1) فيه ان الامر علة لوجود المتعلق، والعلة انما تقتضى المعلول المستند إليها، وان كان استنادا المعلول إليها لا باقتضائها بل انما هو حاصل قهرا، وحينئذ نقول: لو لم يأت بداعي الامر فما هو المعلول لهذا الامر لم يؤت به، فعليه الاتيان بالفعل ثانيا مع هذا القيد، وليس المتعلق للامر صرف الوجود الغير القابل للتكرار، بل مطلق الوجود القابل له، كما مر الإشارة اليه سابقا.
ومن هنا يظهر طريق آخر لتصحيح الامر العبادي غير طريق أخصية الغرض وهو ملاحظة تقيد المتعلق لبا بالقيد المذكور مع القول بمطلق الوجود.
ان قلت: مع ملاحظة هذا التقيد لا حاجة إلى القول بمطلق الوجود لتمامية المطلب على تقدير القول بصرف الوجود أيضا، لان صرف وجود المقيد بداعي الامر غير منطبق على الفعل المأتي به لا بداعي الامر، قلت صرف الوجود انما يلاحظ بالإضافة إلى الفعل وقيوده الملحوظة معه استقلالا، وهذا القيد ليس كذلك وان كان ثابتا في الذهن لبا «منه».
(٩٨)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»