درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ١٠٩
فمحل الإكرام بعد مجيئه ومحل مقدماته ان كان قبل المجيء فمجرد علم المكلف بالمجيء يقتضى إيجادها قبله ولو قال ان مشى زيد فامش مقارنا مع مشيه فمحل المشي زمان مشى زيد فلو علم تحقق المشي من زيد في زمان خاص يجب عليه المشي في ذلك الزمان حتى يصير مشيه مقارنا معه ولو قال ان جاء زيد فاستقبله فمحل الاستقبال قبل مجيئه فلو علم بمجيئه غدا مثلا يجب عليه الاستقبال في اليوم والحاصل ان طلب الشيء على فرض تحقق شيء لا يقتضى إيجاد ذلك الشيء المفروض وجوده ولكن بعد العلم بتحقق ذلك الشيء يؤثر في المكلف ويقتضي منه ان يوجد كلا من الفعل ومقدماته في محله فقد يكون محل الفعل بعد تحقق ذلك الشيء في الخارج وقد يكون قبله وقد يكون مقارنا له (1) وهكذا محل مقدماته قد يكون قبله وقد يتسع زمان إتيان المقدمة كما أو توقف إكرام زيد غدا على شيء ممكن تحصيله في اليوم وفي الغد والمقصود ان الوجوب المعلق على شيء بعد الفراغ عن ذلك الشيء يجب بحكم

(1) لا يخفى ان اللحاظ الفراغي في هذين القسمين لا يصح ان يتعلق بالوجود الخارجي للشرط بمعنى انه لو لاحظ في ذهنه الفراغ عن تحقق القدوم مثلا خارجا أو عن تحقق زوال الشمس كذلك لا يوجد في نفسه البعث نحو الاستقبال أو الوقوف بعرفات فاللازم ان يتعلق الفراغ الذهني فيها بالوجود الانتزاعي أعني كونه بحيث يقدم أو كون الشمس بحيث تزول ولكن ينقدح من هنا إشكال في تصوير الأمر بالمهم مرتبا على ترك الأهم كما يأتي في مبحث الضد بيانه انا ان اعتبرنا الفراغ عن تحقق ترك الأهم خارجا لم يبق محل للأمر بالمهم وان اعتبرنا الفراغ عن تحققه الانتزاعي يتوجه الإشكال بأنه كيف يمكن الأمر بالمهم ح مع توجه الأمر بالأهم إلى المكلف وهل هو الا طلب الجمع بين الضدين في فرض ترك الجميع اما وجود الأمر بالمهم فهو المفروض واما الأمر بالأهم فهو وان لم يكن له إطلاق بالنسبة إلى الحالة المذكورة أعني حال كون المكلف ممن يترك الأهم الا انه لا إشكال في كونه محركا نحو الذات في هذا الحال فاجتمع الأمر ان في حالة واحدة وهو عين ما قلناه من طلب الجمع بين الضدين عند كونه ممن يترك الجمع ويأتي الجواب عن هذا الإشكال في مبحث الضد إن شاء الله «منه».
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»