درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ٩٤
الأول أو الثاني وتوضيح المقام يتوقف على تصور الواجبات التعبدية وشرح حقيقتها حتى يتضح الحال في صورة الشك فنقول وبالله الاستعانة انه قد اشتهر في السنة العلماء انها عبارة عما يعتبر فيه إتيانه بقصد إطاعة الأمر المتوجه إليه وأورد على ذلك بلزوم الدور فان الموضوع مقدم على الحكم رتبة لأنه معروض له ولا إشكال في تقدمه على العرض بحسب الرتبة عبارة عما أخذ فيه قرب الفاعل فالصلاة مثلا ما دام الإنسان حيا يعتبر فيها ان يأتي بها بنفسه على وجه يوجب قرب نفسه لأنه في حال الحياة يعتبر قيد المباشرة واما بعد الممات فمقتضى الاخبار سقوط ذلك القيد فالذي يبقى دينا على عهده الميت ويكون مطلوبا مادة للشارع هو مطلق الفعل الموجب لقرب فاعله من أي فاعل صدر غاية الأمر لا بد من الإشارة إلى ما هو ثابت في عهده الميت بان يقصد الفاعل الذي يتقرب بفعل نفسه انه يأتي بهذا الفعل بعنوان تفريغ ذمة الميت وهذا كما ترى لا يحتاج إلى نية البدلية عنه وتنزيل نفسه منزلته كما في المتبرع لأداء دين غيره ثم حصول القرب للمتبرع واضح واما للأجير فيتحقق بإتيان العمل لقرب نفسه بعنوان تفريغ الميت امتثالا لأمر الشارع بالوفاء بعقد الإجارة (منه) دام ظله العالي الرتبة وهذا الموضوع يتوقف على الأمر لما أخذ فيه من خصوصية وقوعه بداعي الأمر التي لا تتحقق الا بعد الأمر فالامر يتوقف على الموضوع لكونه عرضا له والموضوع يتوقف على الأمر لأنه لا يتحقق بدونه وفيه ان توقف الموضوع على الأمر فيما نحن فيه مسلم لكونه مقيدا به والمقيد لا يتحقق في الخارج بدون القيد واما ان الأمر يتوقف على الموضوع فان أردت توقفه عليه في الخارج فهو باطل ضرورة ان الأمر لا يتعلق بالموضوع الا قبل الوجود واما بعده فيستحيل تعلقه به لامتناع طلب الحاصل وان أردت توقفه عليه تصورا فمسلم ولكن لا يلزم الدور أصلا فان غاية الأمر ان الموضوع هنا بحسب وجوده الخارجي يتوقف على الأمر والأمر يتوقف على الوجود الذهني له وقد يقرر الدور بان القدرة على الموضوع الذي اعتبر وقوعه بداعي الأمر لا يتحقق الا بعد الأمر والأمر لا يتعلق بشيء الا بعد تحقق القدرة فتوقف الأمر على القدرة بالبداهة العقلية وتوقف القدرة على الأمر بالفرض وفيه ان الممتنع بحكم العقل تعلق الأمر بشيء يعجز عن إتيانه في وقت الامتثال واما انه يجب ان يكون القدرة سابقة على الأمر حتى يصح الأمر فلا ضرورة انه لا يمتنع عند العقل ان بحكم المولى بشيء يعجز عنه المأمور في مرتبة الحكم ولكن حصل له القدرة عليه بنفس ذلك الحكم فحينئذ نقول ان توقف القدرة على الأمر مسلم واما توقف الأمر على القدرة بمعنى لزوم كونها قبله رتبة فلا لما عرفت من جواز حصولها بنفس الأمر وهاهنا كذلك لأنه بنفس الأمر تحصل
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»