في الواجب المطلق والمشروط الأمر الثالث ينقسم الواجب ببعض الاعتبارات إلى مطلق ومشروط فالأول عبارة عما لا يتوقف وجوبه على شيء والثاني ما يقابله ولا يهمنا التعرض للتعريفات المنقولة من القوم والنقض والإبرام المتعلقين بها وقد يستشكل في تقسيم الواجب باعتبار وجوبه إلى القسمين من جهة أمرين أحدهما ان مقتضى كون وجوب الشيء مشروطا بكذا عدم تحقق الوجوب قبل تحقق الشرط والمفروض ان الأمر قد أنشأ الوجوب بقوله ان جاءك زيد فأكرمه فان الهيئة قد وضعت لإنشاء الطلب وعلى هذا فالقول بان الوجوب لا يتحقق الا بعد تحقق الشرط مستلزم لتفكيك الإيجاب عن الوجوب وان التزم بعدم تحقق الإيجاب لزم إهمال هذه القضية والثاني ان الطلب المستفاد من الهيئة انما يكون معنى حرفيا غير مستقل بالنفس وليس دخوله في الذهن الا من قبيل وجود العرض في الخارج في كونه متقوما بالغير والإطلاق والتقييد فرع إمكان ملاحظة المفهوم في الذهن وأيضا قد تقرر في محله ان معاني الحروف معاني جزئية بمعنى ان الواضع لاحظ في وضع الحروف عنوانا عاما إجماليا ووضع اللفظ بإزاء جزئياته فالوضع أي آلة الملاحظة فيها عام والموضوع له أعني جزئيات ذلك العام خاص ومن الواضح ان الجزئي لا يكون مقسما للإطلاق والتقييد هذا ومما ذكرنا سابقا في بيان معاني الحروف من انها كليات كمعاني بعض الأسماء ظهر لك عدم المانع عن إطلاق الطلب وتقييده من جهة جزئية المعنى المستفاد من الهيئة اما المانع الاخر وهو كونه مما لا تحصل له في الذهن استقلالا والإطلاق والتقييد الوارد ان على المفهوم تابعان لملاحظته في الذهن مستقلا فالجواب عنه
(١٠٣)