للمكلف أدناها إتيان الفعل بداعي الفرار من العقاب مثل ان يكون حال العبد بحيث لو علم بعدم العقاب لم يأت بالفعل أصلا فإتيانه به خوفا من المولى مقرب له عند العقل كما انه نرى الفرق عند العقلاء بين هذا العبد وبين العبد الذي لم يكن خوف مؤاخذة المولى مؤثرا فيه وهذا المقدار من القرب أعني كون العبد بحيث يكون له جهة امتياز بالنسبة إلى غيره في الجملة يكفى في العبادة ونظير هذا المعنى موجود في المقام إذ لو فرضنا عبدين أحدهما لم يأت بالمأمور به بنفسه ولا أحد بدله والثاني لم يأت به ولكن أتى به نائبه نرى بالوجدان ان حالهما ليس على حد سواء عند المولى بل للثاني عنده جهة خصوصية ليست للأول وان لم يصل إلى مرتبة من أتى بالمأمور به بنفسه فنقول هذه المرتبة الحاصلة له بفعل الغير تكفي في العبادة ويمكن ان يقال ان تقرب المنوب عنه بتسليمه للفعل المتلقى من النائب إلى الأمر بعنوان انه مولى ولا فرق في حصول القرب بين ان يسلمه إليه ابتداء ويسلمه إليه بعد أخذه من نائبه هذا حاصل الوجوه التي أفادها سيدنا الأستاذ طاب ثراه ولكن لم يطمئن بها النفس أقول ويمكن ان يقال ان الأفعال على وجوه منها ما لا يضاف الا إلى فاعله الحقيقي الصادر منه الفعل مباشرة كالأكل والشرب ونظائرهما ومنها ما يضاف إليه وإلى السبب أيضا كالقتل والإتلاف والضرب ونظائرها ومنها ما يضاف إلى الغير وان لم يكن فاعلا ولا سببا ومن ذلك العقود إذا صدرت عن رضى المالك بل ولو لم يكن عنه أيضا ابتداء إذا رضى بذلك بعده كما في الإجازة بناء على صيرورة العقد بها عقدا للمالك عرفا كما قيل ولعل الضابط كل فعل يتوقف تحقق عنوانه في الخارج على القصد وأوقعه واحد بقصد الغير وكان ذلك الفعل حقا لذلك الغير ابتداء مع رضاه بصدوره بدلا عنه فلو صح هذه الإضافة العرفية وأمضاها الأمر فلا بد من ان يعامل مع هذا الفعل معاملة
(٩٢)