درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ٩١
لوضوح انه بعد تعلق الأمر بهذا الفعل الذي لم يقيد حصول الغرض فيه بأحد من القيدين المذكورين لا مانع في صيرورة الأمر المتعلق به محركا للغير لإيجاد ذلك الفعل مراعاة لصديقه واستخلاصه من المحذورات المترتبة على ذلك الأمر من العقاب والبعد عن ساحة المولى وهذا واضح ومنه يظهر عدم الإشكال فيما إذا لم يكن امر في البين كما في النيابة عن الميت ضرورة إمكان فعل ذلك لحصول أغراض المولى المترتبة على الفعل ليستريح الميت من العقاب المترتب على فوتها وهذا لا إشكال فيه انما الإشكال في المانع الثاني وهو صيرورة هذا الفعل مقربا للغير عقلا إذ لو لم يكن كذلك لم يسقط غرض الأمر فلم يسقط عنه العقاب وهذا الإشكال يسرى في المقام الأول أيضا إذ بعد ما لم يكن فعله مقربا للغير ولم يسقط غرض الأمر عنه لا يعقل كون مراعاته سببا لإيجاد ذلك الفعل ويمكن التقضي عنه بان يقال انه بعد فرض انحصار جهة الإشكال في حصول القرب يكفي في حصوله رضى المنوب عنه بحصول الفعل من النائب كما انه قد يؤيد ذلك ببعض الاخبار الواردة في ان من رضى بعمل قوم أشرك معهم (1) وهذا المقدار من القرب يكفي في عبادية العبادة بل يمكن ان يقال بعدم الفرق عقلا بين الفعل الصادر من الإنسان بنفسه وبين الصادر من نائبه في حصول القرب لأنه بعد حصول هذا الفعل من النائب لا بد وان يكون المنوب عنه ممنونا منه ومتواضعا له من جهة استخلاصه من تبعات الأمر المتعلق به به وهذا الممنونية تصير منشئا لقربه عند المولى لأن امره صار سببا لها وفيه ان الرضا والممنونية يتفرعان على كون الفعل الصادر من النائب مقربا له إذ لولاه لم يكن وجه لهما ولو توقف القرب عليهما لزم الدور ويمكن ان يقال ان للقرب مراتب باختلاف الجهات الداعية

(1) الوسائل، الباب 5 من أبواب الامر والنهي، ج 11، ص 408.
(٩١)
مفاتيح البحث: الموت (2)، النهي (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»