درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
يكون الاستثناء من الإثبات نفيا ومن النفي إثباتا وذلك للانسباق والتبادر القطعي ونسب الخلاف إلى أبي حنيفة (1) ولعله يدعى ان الاستثناء لا يدل الا على ان المستثنى لا يكون مشمولا للحكم المنشأ في القضية واما ثبوت نقيضه له في الواقع فلا ويقرب هذا المدعى القول بان الإسناد انما يكون بعد الإخراج إذ على هذا حاله حال التقييد وقد عرفت ان التقييد لا يدل الا على تضيق دائرة الموضوع في القضية وكيف كان يدل على خلاف ما ذهب إليه التبادر القطعي واحتج على مذهبه بقوله عليه السلام لا صلاة الا بطهور (2) إذ لو كان الاستثناء من النفي إثباتا للزم كفاية الطهور في صدق الصلاة وان كانت فاقدة لباقي الشرائط وفيه أولا ان الملحوظ في القضية هو المركب المشتمل على تمام ما اعتبر فيه سوى الطهور ونفيت حقيقة الصلاة أو هي بقيد التمام عنه الا في مورد تحقق الطهور وثانيا على فرض التجوز في مثل التركيب المزبور لا يضرنا بعد شهادة الوجدان القطعي على ما ادعينا ومما استدل به على ما ذكرنا من المعنى قبول رسول الله صلى الله عليه وآله إسلام من قال كلمة لا اله الا الله إذ لو لم يدل الاستثناء من النفي على الإثبات في المستثنى لما كانت هذه الكلمة بمدلولها دالة على الاعتراف بوجود الباري عز شأنه والقول بان هذه الدلالة في كل مورد كانت مستندة إلى قرينة خاصة بعيد غاية البعد بل المقطوع خلافه كالقطع بخلاف ان هذه الكلمة

(1) لا يخفى ان هنا مقامين أحدهما ان كلمة الا هل تدل على الإخراج وإثبات نقيض حكم المستثنى منه للمستثنى أولا والثاني بعد دلالتها على الإخراج هل تدل على الحصر حتى يكون منشأ لأخذ المفهوم بالنسبة إلى غير المستثنى من سائر الافراد أولا وأبو حنيفة انما خالف في المقام الأول فعده من المخالفين في استفادة الحصر لا وجه له (منه) (2) الوسائل، الباب 1 من أبواب الوضوء، الحديث 1 ج 1، ص 256.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»