درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ١٧٤
وكذا في صورة تعدد افراد الطبيعة الواحدة التي جعلت شرطا نعم لو وجد الجزاء ثم تحقق فرد من افراد ما جعل شرطا يجب إتيان الجزاء ثانيا لأن مقتضى القضية الشرطية تحقق الجزاء في ظرف وجود الشرط فالفعل الموجود قبل تحقق الشرط لا يكفي ومما ذكرنا يظهر ان الأصل في باب الأسباب كفاية المسبب الواحد في صورة تعدد السبب وعدم تخلل المسبب واما في صورة التخلل فيجب الإتيان بفعل آخر للوجود اللاحق فتدبر جيدا هذا (1).

(1) هذا ما حققناه سابقا ولكن رجعنا عنه أخيرا واخترنا القول بعدم التداخل بتقريب ان الأسباب شرعية كانت أو غيرها انما تؤثر في حقيقة وجود المسببات وعنوان الصرفية والوحدة والتعدد عناوين منتزعة بعد تأثيرها بمعنى ان السبب الواحد يقتضى مسببا واحدا لا ان الوحدة مأخوذة في المسبب بل لوحدة السبب وكذا الحال في التعدد وعلى هذا فيزداد المسبب بازدياد السبب سواء كان السبب من جنس واحد أو من أجناس متعددة فان إطلاق دليل السببية يقضى بثبوتها لجميع الافراد.
وبالجملة بعد ما استفدنا من تالي ان وأخواتها السببية المطلقة وقلنا ان طبيعة الجزاء مأخوذة باعتبار حقيقة الوجود بلا أخذ قيد من كونه صرف الوجود أو قيد الوحدة ونحو ذلك الذي لازمه الصدق على جميع مراتب الوجود لم يبق محيص عن القول بعدم التداخل سواء وجد الأسباب دفعة أم على التعاقب فان المقتضى متعدد حسب ظاهر القضية وقابلية المحل قهرية مع كون الجزاء حقيقة الوجود والمانع مفروض العدم.
فان قلت هذا صحيح فيما إذا جعل الشارع طبيعة سببا لطبيعة أخرى واما إذا جعل شيئا سببا للأمر بطبيعة فلا بد من ملاحظة ان الطبيعة الواقعة تلو الأمر ملحوظة بلحاظ صرف الوجود أم بلحاظ حقيقة الوجود فعلى الأول لا محيص عن التداخل فان السبب وان كان متكررا وعلى حسب تكرره يتكرر الأمر لكن الطبيعة المأمور بها غير قابلة للتكرار.
قلت بعد الاعتراف بكون المسبب في سائر الأسباب حقيقة الوجود لا مجال لهذا السؤال فان الأمر أيضا من أحد الأسباب فيجري فيه الكلام المتقدم بعينه بمعنى ان الإرادة من أحد أسباب وجود المراد فالإرادة الواحدة تقتضي وجودا واحدا والوحدة غير جائية من تأثيرها بل منتزعة قهرا بعد تأثيرها وكذا التعدد ولازم ذلك ازدياد المراد بازدياد الإرادة ومن هنا يظهر.
انه لا فرق في لزوم القول: بعدم التداخل بين جعل الجزاء في القضايا الشرطية وجود فعل الجزاء أو وجوبه وان كان عبارة شيخنا المرتضى رحمه الله تعالى ظاهرة في الفرق بينهما ولا يتوهم تهافت ما هنا مع ما مر في مقدمات المبحث من عد الأمر من أقسام العرض فان ما هنا باعتبار الوجود الخارجي للمأمور به وما هناك باعتبار الوجود الذهني له (منه)
(١٧٤)
مفاتيح البحث: السب (6)، الصدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»