درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ١٦٩
واما ثاني القسمين وهو ما إذا تعلق النهي بالعبادة ولا بدل لها كالصوم في يوم عاشوراء وأمثاله فيشكل الأمر فيه من حيث ان حمل النهي فيه على بيان الكراهة الذاتية مع الالتزام بكونه راجحا ومستحبا فعليا ينافي التزام الأئمة بتركه وأمرهم شيعتهم بالترك أيضا وحمله على الإرشاد يستلزم الإرشاد إلى ترك المستحب الفعلي من دون بدل والقول بكونه مكروها فعلا ينافي كونه عبادة والذي يمكن ان يقال في حل الإشكال أمران (أحدهما) ما أفاده سيدنا الأستاذ نور الله مضجعه وهو ان يقال برجحان الفعل من حيث انه عبادة ورجحان الترك من حيث انطباق عنوان راجح عليه ولكون رجحان الترك أشد من رجحان الفعل غلب جانب الكراهة وزال وصف الاستحباب ولكن الفعل لما كان مشتملا على الجهة الراجحة لو أتى به يكون عبادة إذ لا يشترط في صيرورة العمل عبادة وجود الأمر بل يكفي تحقق الجهة فيه على ما هو التحقيق فهذا الفعل مكروه فعلا لكون تركه أرجح من فعله وإذا أتى به يقع عبادة لاشتماله على الجهة ويشكل بان العنوان الوجودي لا يمكن ان ينطبق على العدم لأن معنى الانطباق هو الاتحاد في الوجود الخارجي والعدم ليس له وجود (والثاني) ان يقال ان فعل الصوم راجح وتركه مرجوح وأرجح منه تحقق عنوان آخر لا يمكن ان يجتمع مع الصوم ويلازم عدمه ولما كان الشارع عالما بتلازم ذلك العنوان الأرجح مع عدم الصوم نهى عن الصوم للوصلة إلى ذلك العنوان فالنهي على هذا ليس الا للإرشاد ولا يكون للكراهة إذ مجرد كون الضد أرجح لا يوجب تعلق النهي بضده الاخر بناء على عدم كون ترك الضد مقدمة كما هو التحقيق ولعل السر في الاكتفاء بالنهي عن الصوم بدلا عن الأمر بذلك العنوان الأرجح عدم إمكان إظهار استحباب ذلك العنوان هذا ومما ذكرنا يظهر الجواب عن النقض بالواجبات التي تعرض عليها جهة
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»