بوجهين أحدهما ان المعنى المستفاد من الهيئة وان كان حين استعمالها فيه لا يلاحظ الا تبعا لكن بعد استعمالها يمكن ان يلاحظ بنظرة ثانية ويلاحظ فيه الإطلاق أو التقييد والثاني ورود الإطلاق والتقييد بملاحظة محله مثلا ضرب زيد إذا تعلق به الطلب المستفاد من الهيئة يتكيف بكيفية خاصة في الذهن وهي كيفية المطلوبية فضرب زيد بهذه الملاحظة قد يلاحظ فيه الإطلاق ويلزم منه كون الطلب الطاري عليه مطلقا وقد يلاحظ فيه الاشتراط واللازم من ذلك كون الطلب أيضا مشروطا ولنا في المقام مسلك اخر وهو ان المعنى المستفاد من الهيئة لم يلاحظ فيه الإطلاق في الوجوب المطلق ولا الاشتراط في الوجوب المشروط ولكن القيد المأتي به في القضية تارة يعتبر على نحو يتوقف تأثير الطلب على وجوده في الخارج ويقال لهذا الطلب الطلب المشروط أي تأثيره في المكلف موقوف على شيء وأخرى يعتبر على نحو يقتضى الطلب إيجاده ويقال لهذا الطلب المتعلق بذلك المقيد الطلب المطلق أي لا يبتنى تأثيره في المكلف على وجود شيء وتوضيح ذلك ان الطالب قد يلاحظ الفعل المقيد ويطلبه أي يطلب المجموع وهذا الطلب يقتضى إيجاد القيد ان لم يكن موجودا كما في قوله صل مع الطهارة وقد يلاحظ القيد موجودا في الخارج أي يفرض في الذهن وجوده في الخارج ثم بعد فرض وجوده في الخارج ينقدح في نفسه الطلب فيطلب المقيد بذلك القيد المفروض وجوده فهذا الطلب المتعلق بمثل هذا المقيد المفروض وجود قيده وان كان متحققا فعلا بنفس الإنشاء لكن تأثيره في المكلف يتوقف على وجود ذلك القيد المفروض وجوده حقيقة ووجهه ان هذا الطلب انما تحقق مبنيا على فرض وجود الشيء وهذا الفرض في لحاظ الفارض حاك عن حقيقة وجود ذلك الشيء فكأنه طلب بعد حقيقة وجوده فكما انه لو طلب بعد وجود ذلك الشيء المفروض وجوده حقيقة ما أثر الطلب في المكلف الا بعد وجود ذلك الشيء واقعا لعدم الطلب قبله كذلك لو طلب بعد فرض وجوده لم يؤثر الا بعد
(١٠٤)