نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ١٩٦
بعدمه، فعدمه هو المستصحب دون وجوده، مثلا صبح يوم الجمعة الذي كان متيقنا قد انقضى وتصرم باليقين، وعصره الذي هو مشكوك فعلا، ومن أجل الشك فيه شك في بقاء النهار مشكوك الحدوث، فكيف يحكم بخطاب (لا تنقض اليقين) ببقاء النهار؟ واما ما قد يقال في تصحيح إطلاق النقض من أن نهار يوم الجمعة مثلا في نظر العرف شئ واحد يصدق ان الشخص على يقين منه باليقين بجز منه، وانه قد شك فيه بالشك في جز آخر منه، فصح توجيه خطاب (لا تنقض) إليه، فكلام ظاهري إذ لو أريد ان صدق الشخص على يقين من مجموع يوم الجمعة باليقين بجز منه، فذاك باطل بالقطع. ولو أريد صدق انه على يقين من جزئه فذاك لا يجدي في المطلوب، و الالتباس كله في ما سمعت من صدق النقض والبقاء في الأمور التدريجية برفع اليد عنها في الأثناء، والاستمرار عليها إلى المنتهى، مع أن ذلك النقض والبقاء، غير النقض والبقاء المبحوث عنهما.
قوله: وهي كونه بين المبدأ والمنتهى:
الكون بين المبدأ والمنتهى، الراسم للحركة القطعية، كلي ذو أفراد. فالكون في كل جز من أجزأ المسافة فرد من عنوان الكون بين المبدأ والمنتهى، وقد حصل اليقين بهذا الكون الكلي باليقين بفرد منه ثم حصل الشك فيه بالشك في فرد آخر بعد اليقين، بارتفاع الفرد الأول. فاستصحابه مبني على جريان الاستصحاب في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي، وهذا الكون الكلي، وإن كان قارا، وإلا لزم السكون، لكن قراره يكون بتبادل الافراد، كقرار الانسان في الحمام بتبادل الافراد، هذا إذا أريد استصحاب الكون بين المبدأ والمنتهى، ككون الشمس في القوس النهاري أو الليلي، اما إذا أريد استصحاب عدم الدخول في قوس مقابله كاستصحاب عدم دخول الشمس في قوس الليل عند استصحاب النهار أو قوس النهار عند استصحاب الليل، فالأصل المذكور يكون معارضا بأصل آخر في مرتبته، إذ الشمس لا محالة قد دخلت بعد الخروج عما كانت فيه في أحد قوسين، اما في جز من قوس النهار الذي كانت فيه، أو في جز من قوس الليل، فاستصحاب عدم دخوله في قوس الليل، يكون
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»