في كلتا الجهتين (فنقول) ان متعلق كل إرادة ومنها الاحكام يمتنع ان يكون حقيقة الوجود لأنه حاصل وطلب الحاصل محال ولو فرض انه غير حاصل فهو غائب عن النفس وليس بمتصور لها إذ كلما تتصوره فهو مفهوم كلي أعني مفهوم الوجود لا الوجود الحقيقي و كذلك يمتنع ان يكون مفهوم الوجود بما هو مفهوم الوجود لأنه بما هو كذلك غير قابل لتعلق الطلب به وبما هو موجود حقيقي قائم بالنفس يعود فيه الكلام المتقدم وكذلك يمتنع ان يكون مفهوم الوجود بما هو حاك عن الخارج ومشير إليه يجعل هذا المفهوم ذا مطابق خارجي فإنه لا يخرج عن حقيقة الوجود وعن مفهومه وقد سمعت بطلان تعلق الطلب بكل منهما، ويمتنع أيضا ان يكون هي الماهية بما هي خالية عن دخل كل من الوجود والعدم فيها فإنها كذلك غير قابلة الا لحمل الوجود أو العدم عليها وأيضا الماهية بما هي كذلك لا تصدر من المكلف وليست فعلا له كي تطلب، فتعين ان يكون المتعلق له هو تحديد عالم الوجود ودار التحقق بحد خاص نعبر عنه بالماهية فيكون المطلوب تحديد الوجود وإخراجه من حد إلى حد وكما أن هذا هو المتعلق للطلب كذلك هو المتعلق للأغراض وهو المورد لمناط الطلب، وليس هذا من تعلق الطلب بالماهية من حيث هي ولا من توجهه إلى الوجود ولا شئ آخر مما ذكر ليتجه عليه ما تقدم فان تبديل حد الخارج ليس من حقيقة الايجاد بل هو تحديد الموجود، بل لو فرضنا ان الوجود مما يصدر من المكلف ويحقق بفعله لم يحصل الامتثال به بما انه نفس الوجود وانما يتحقق بحده ويكون الوجود بما انه مقدمة لحده موجبا للامتثال بحيث لو أمكن التحديد من غير إيجاد شئ كفى ذلك في مقام الامتثال كما إذا أمر برسم خط قصير فمحا المكلف من الخط الطويل المرسوم ما يخرجه إلى القصر كفى ذلك في حصول الامتثال ولم يحتج إلى تجديد الرسم، ويدل على ما ذكرناه مع وضوحه وجوه (الأول) ان الحكم يقوم بما يقوم به مناطه ومن المعلوم ان ضروب المصالح قائمة بالوجودات بمراتبها الخاصة و حدودها المخصوصة بحيث لولا ذلك الحد لم تكن تلك المصالح و الا يلزم اشتراك الوجودات قاطبة في الخواص والآثار فكل مصلحة خاصة قائمة بمرتبة خاصة من الوجود فلا جرم تتوجه الإرادة المتولدة من تلك المصالح إلى ما تعلقت به تلك المصالح بالتقليب والتقلب في دار التحقق لتحصل به تلك المصالح والاغراض الخاصة
(٢٢٥)