نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ١ - الصفحة ١٨٢
بالمقدمات وطلبه لها إرشاديا محضا، ولذا ربما ينفى إرادة غير ذي المقدمة ويصرح بأني لا أريد منك الا الكون على السطح واما ما عداه فالاتيان به وعدمه على حد سوأ (ومما ذكرنا) تعرف الخدشة فيما أيد به الوجدان بل جعله من واضح البرهان وهو وجود أوامر غيرية في الشرعيات، فان تلك الأوامر الواردة بعد ما عرفت من الوجدان اما إرشادية أو للتنبيه على أن التقيد بمتعلقاتها مأخوذ في المطلوبات النفسية، وبعبارة أخرى للإشارة إلى شرطية متعلقاتها فقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم، نظير لا صلاة الا بطهور في أنه قد سيق لإفادة شرطية الطهارة للصلاة (ومما يؤيد) الوجدان بل يكون من واضح البرهان انه لا يمكن الالتزام بوجوب المقدمة بقيد الايصال لما تقدم من المحذور، ولا يمكن القول بالاطلاق في الواجب لعدم تعلق الغرض بغير الموصل فلا محيص من رفع اليد عن أصل الوجوب (وأيضا) لا يمكن الالتزام بان ترك مطلوب المولى ومخالفة تكليفه، لا يوجب استحقاق العقوبة من أي نحو كان تكليفه، مع حكم العقل بعدم استحقاق العقاب على المقدمات فيستكشف من ذلك عدم تعلق الطلب بها فتأمل قوله وفيه بعد اصطلاحه بإرادة عدم المنع:
الظاهر أن المستدل أراد الجواز الشرعي وذلك من جهة ان الواقعة لا تخلو عن حكم شرعي، فإذا لم يكن الحكم هو الوجوب، كان أحد الأحكام الأربعة الاخر، ويشترك الكل في جواز الترك ويزيد التحريم بان الترك واجب مع ذلك، والمراد من الظرف في المقدمة الثانية أيضا زمان هذا الجواز، فيكون المعنى حين إذ جاز شرعا ترك المقدمة تركا مفضيا إلى ترك الواجب أعني الترك في آخر أزمنة الامكان فلا يخلو الحال ح اما ان يكون التكليف بذيلها باقيا مع تجويز ترك مقدمته فيلزم التكليف بما لا يطاق أو يكون ساقطا فيلزم خروج الواجب عن كونه واجبا اما الثاني فواضح واما الأول فلانه لا فرق في لزوم التكليف بما لا يطلق بين طلب الفعل والنهي عن مقدمته وبين طلب الفعل وتجويز ترك مقدمته تجويزا جعليا في ضمن أحد الأحكام الثلاثة الأخر وقد صرح المصنف (قده) في آخر كلامه بما يؤل إلى ما ذكرناه حيث قال نعم لو كان المراد من الجواز جواز الترك شرعا وعقلا يلزم أحد المحذورين، ونحن نقول إن التجويز الشرعي لا بد ان يكون مستتبعا لحكم العقل بالجواز كما أن الايجاب الشرعي مستتبع لحكم العقل بالايجاب فإيجاب، شئ مع تجويز ترك مقدمته شرعا يؤل إلى الايجاب
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»