تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١٢٧
بحمل الصحابة كل أمر ورد في القرآن أو السنة على الوجوب، وكان يناظر بعضهم بعضا في مسائل مختلفة، ومتى أورد أحدهم على صاحبه أمرا من الله سبحانه أو من رسوله (صلى الله عليه وآله)، لم يقل صاحبه هذا أمر، والأمر يقتضي الندب، أو الوقف بين الوجوب والندب، بل اكتفوا في اللزوم والوجوب بالظاهر. وهذا معلوم ضرورة من عاداتهم ومعلوم أيضا: أن ذلك من شأن التابعين لهم، وتابعي التابعين. فطال ما اختلفوا وتناظروا، فلم يخرجوا عن القانون الذي ذكرناه. وهذا يدل على قيام الحجة عليهم بذلك حتى جرت عادتهم، وخرجوا عما يقتضيه مجرد وضع اللغة في هذا الباب.
قال (رحمه الله): " وأما أصحابنا، معشر الإمامية، فلا يختلفون في هذا الحكم الذي ذكرناه، وإن اختلفوا في أحكام هذه الألفاظ في موضوع اللغة، ولم يحملوا قط ظواهر هذه الألفاظ إلا على ما بيناه، ولم يتوقفوا على الأدلة. وقد بينا في مواضع من كتبنا: أن إجماع أصحابنا حجة ".
____________________
منها: جعله استعمال صيغة الأمر في الإيجاب والندب معا في اللغة والتعارف والقرآن والسنة مما لا شبهة فيه، فإن مراده من التعارف إنما هو عرفه المتأخر عن عرف الشرع المتأخر عن اللغة، فلا يتصور مخالفة الشرع لهما إلا على احتمال سخيف يبعد المصير إليه من جاهل فضلا عن عالم فاضل، وهو هجر أحد معنيي المشترك في زمان الشرع إلى العرف المتأخر عنه فعوده إلى ما كان عليه أولا.
ومنها: جعله الاستعمال فيهما ثابتا في القرآن والسنة، وقضية ذلك مع انضمام ظهور الاستعمال عنده في الحقيقة اعتقاده بالاشتراك في عرف الشرع، فكيف يتصور معه المصير إلى ما ذكر إلا ممن ليس له حظ من الفهم.
ومنها: قوله في بيان كيفية مناظرة الصحابة بعضهم بعضا: " ومتى أورد أحدهم على صاحبه أمرا من الله سبحانه أو من رسوله (صلى الله عليه وآله) لم يقل صاحبه: هذا الأمر يقتضي الندب أو الوقف بين الوجوب والندب " فإنه لولا ما ذكرناه لكان عليه أن يقول مكان قوله: " هذا الأمر " " صيغة الأمر " كما لا يخفى على الفطن العارف الذكي.
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»