تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١٢٦
احتج السيد المرتضى (رضي الله عنه) على أنها مشتركة لغة بأنه لا شبهة في استعمال صيغة الأمر في الايجاب والندب معا في اللغة، والتعارف، والقرآن، والسنة، وظاهر الاستعمال يقتضي الحقيقة *، وإنما يعدل عنها بدليل.
قال: " وما استعمال اللفظة الواحدة في الشيئين أو الأشياء إلا كاستعمالها في الشيء الواحد في الدلالة على الحقيقة ".
واحتج على كونها حقيقة في الوجوب بالنسبة إلى العرف الشرعي * *:
____________________
* وقد ظهر في غير واحد من مواضع الجزء الأول من الكتاب وفي بعض مواضع هذا الجزء أيضا تزييف هذا الاحتجاج، فإن الاستعمال من الحقيقة إذا كان بمنزلة الجنس أو الفصل - الذي هو أيضا في معنى الجنس في العموم - فالضرورة قاضية بعدم صلوحه دليلا عليها بخصوصها، كيف وقضية قولهم: " العام لا يدل على الخاص " قد صارت من القضايا التي قياساتها معها.
نعم لو انضم إليه غيره مما أوجب القطع بالمطلوب أو الظن المعتبر به في المقام - مما تقدم تفصيل ذكره في محله - لأمنع عن المصير إليه حينئذ، والمقام ليس منه كيف والأدلة قد انتهضت على اختصاصها بالوجوب، فلا يبقى تعويل على الاستعمال لو قلنا به.
فمن هنا تبين ما في قوله: " وما استعمال اللفظة الواحدة في الشيئين أو الأشياء إلا كاستعمالها في الشيء الواحد في الدلالة على الحقيقة " فإن الدلالة على الحقيقة في الشيء الواحد ليست هو الاستعمال ليتم القياس - كما تقدم في محله أيضا - مضافا إلى وضوح الفرق بين المقامين بكون منع الحقيقة في أحدهما يستلزم المجاز بلا حقيقة دون الآخر.
* * واعلم أن إطلاق هذه النسبة في كلام الجماعة يقضي بأنه يجعل عرف الشرع في الصيغة مقابلا للغة، نظير ما هو الحال في المخترعات الشرعية على القول بثبوت الحقيقة الشرعية، وهو وإن كان يساعده احتجاجه لحمل الصحابة كل أمر ورد في القرآن والسنة على الوجوب، التفاتا إلى احتمال كونه احتجاجا بفهمهم والتبادر الثابت لديهم الكاشف عما أوجبه على هذه الدعوى، ولكنه لا يلائمه عدة أمور في كلامه المنقول هاهنا، قاضية بكونه بصدد إقامة قرينة معينة على إرادة الوجوب خاصة عن الأوامر الواردة في الشريعة مع بقائه على ما هي عليه بحسب اللغة.
(١٢٦)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»