تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١٤٤

____________________
ولقد عرفت شهادة العرف بخلافه، كما يساعده ملاحظة الاستعمالات العرفية.
ولعله شبهة نشأت عن ملاحظة الانصراف الثانوي في كثير من موارد استعمالها - على ما عرفت بيانه - غفلة عن عدم منافاته تبادر ما ذكر من الإباحة بالمعنى الأعم أولا بملاحظة سبق الحظر، كفساد الاحتجاج على إفادته أيضا بأمر الحائض والنفساء بالصلاة والصيام بعد النهي عنهما، نظرا إلى أنه لم يحمله أحد على غير الوجوب، مضافا إلى قوله تعالى: ﴿فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين﴾ (١) وكذا قول المولى لعبده: " أخرج من المحبس إلى المكتب " بعد نهيه عن الخروج، حيث لا يستفاد منه عرفا إلا الوجوب، لعدم منافاة شيء من ذلك لما ذكر، من حيث استناده إلى قرينة ما ذكر من سبق الوجوب على الحظر، مضافا إلى تعلقه بالمنافع الآجلة أو إلى قرينة منفصلة من اجماع ونحوه، مع أن الجميع منقوض بقوله تعالى: ﴿فإذا حللتم فاصطادوا﴾ (٢) وقوله: ﴿فإذا تطهرن فآتوهن﴾ (٣) وقوله: ﴿فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض﴾ (4).
وأما ما يقال في الجواب عن الأخير من خروجه عن محل الكلام، تعليلا بعدم تعلق الأمر بعين ما تعلق به النهي، ففيه: ما تقدم في تحرير المسألة.
وإلى ذلك ينظر ما قيل في رده: بأنه إذا تعلق النهي بالخروج عن المحبس شمل ذلك لجميع أفراد الخروج ومن جملتها الخروج إلى المكتب، وإذا كان ذلك مما تعلق الأمر به يندرج في موضع النزاع.
واعترض عليه: بأنه إنما تعلق النهي به من حيث كونه خروجا لا من حيث كونه ذهابا إلى المكتب وهما متغايران بالذات، وإن كان أحدهما ملازما للآخر، والمأمور به إنما هو الثاني دون الأول.
نعم لو عمم النزاع بحيث يشمل الأمر المتعلق بأحد المتلازمين بعد تعلق النهي بالآخر لتم ما ذكر، إلا أنه غير ظاهر الاندراج في موضع النزاع، وفهم العرف غير مساعد هنا حسبما ادعوه ثمة.
ويدفعه: أنه إن أريد به منع كونه من مصاديق الخروج الذي تعلق به النهي، ففيه: منع واضح.

(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 134 137 138 139 144 148 150 152 154 155 ... » »»