تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٨٧
(قلنا: هذا الأمر للإيجاب والإلزام قطعا إذ لا معنى لندب الحذر وإباحته) *.
____________________
التهديد، ولا يخفى فساد ما ظن، وأنت خبير بوقوع ذلك في غير محله.
فإن مفاد قوله: (فليحذر) ليس إلا التحذير، وهو على ما تقدم مرادف للتهديد أو قريب منه، فدلالة الآية عليه مما لا سبيل لأحد إلى إنكاره، وكلام المورد إنما يرجع إلى منع الملازمة بينه وبين الوجوب وهو بظاهره كلام متين، لشيوع وقوع التهديد شرعا وعرفا في مقام الاحتياط الذي هو راجح على كل حال، وإلى ذلك ينظر الأخبار الواردة في هذا الباب - على ما هو التحقيق - من عدم إفادتها أزيد من ذلك، كما يأتي تفصيل البحث فيها في محله، ونظيرها قولك - لصاحبك الذي يريد سير طريق مخوف -: " احذر عن هذا الطريق مخافة أن يفاجئك لص أو أسد. " * قد عرفت ما يقضي بوهن هذا الكلام إن أريد به إنكار سنخ الندب بالإضافة إلى الحذر، فإن " الأمر " في وجوبه وندبه يدور على كون الباعث عليه من فوات مصلحة أو لزوم مفسدة أمرا محققا أو محتملا.
ولا ريب أنه لا وجوب على الثاني إن جوزنا تعلقه بهذا، وإلا ففيه المنع المتقدم من عدم كونه كنظائره من الطلبيات فضلا عن إيجابها.
لا يقال: مجرد قيام الاحتمال كاف في وجوب الحذر، لوجوب دفع الضرر المحتمل عقلا، لأن هذا الوجوب - على فرض تسليمه - ليس مما هو مقصود بالعنوان فإن الكلام إنما هو في الوجوب الواقعي، وما يثبت بحكم العقل عند قيام احتمال الضرر وجوب ظاهري ولا ربط بين المقامين، على أن " الأمر " في اللغة لو كان للوجوب فهو بإزاء الأول، إذ الثاني ربما يثبت على تقدير كونه فيها للندب أو الإباحة أو غيرهما أيضا، مع أنه لو عممنا في محل البحث بحيث يتناول كلا من الواقعي والظاهري أيضا لما كان لما ذكر مدخل في ذلك، إذ الكلام في وجوب هو مفاد اللفظ لغة ولو في مرحلة الظاهر، وما ثبت بحكم العقل ليس من حيث كونه مفاد اللفظ لغة بل هو حكم عقلي نشأ منه بملاحظة اللفظ تبعا كسائر الأحكام العقلية التبعية، ولا يخفى أنه ليس باعتبار وضع اللغة في شيء حيث إن العقل لا قضاء له بذلك أصلا.
غاية الأمر - على تقدير التسليم - قضاؤه بكونه مرادا، وأين ذلك مما هو مطلوب في
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»