تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٧٥
فان هذا الاستفهام ليس على حقيقته *، لعلمه سبحانه بالمانع، وإنما هو في معرض الانكار والاعتراض، ولولا أن صيغة " اسجدوا " للوجوب لما كان متوجها.
____________________
الحقيقة، فعار عن التحقيق.
أما أولا: فلأن جواز استعمالها في الوجوب ولو مجازا لم يكن من محل الكلام عندهم حتى يتمسك لإثباته بتلك الآية.
وأما ثانيا: فلأن الاستعمال الثابت بالوجدان لا يعد من أمارات الحقيقة إلا على قول شاذ، لكونه أعم منها ومن المجاز باعتبار كونه جنسا لهما أو فصلا هو بمنزلة الجنس، فكيف الاستعمال الثابت بالظاهر ولا سيما في محل البحث الذي قد استعمل في معاني عديدة كثيرة حسبما أشرنا إليها على طريق الإجمال.
* بيان لوجه الاستدلال ومحصله: أن لفظة " ما " ليست على حقيقتها، لامتناع الاستفهام الحقيقي على الله سبحانه من حيث علمه تعالى بعلة ترك السجود، فتكون مرادا بها الإنكار، والمراد بالمنع الدعاء والبعث، ووجه إطلاقه عليهما لكون المانع عن السجود - كما في قوله تعالى: (ما منعك أن تسجد إذ أمرتك) (2) في آية أخرى - داعيا وباعثا على تركه وعلة له، فيكون المراد إنكار ما يصلح داعيا إلى الترك وباعثا عليه عقلا أو شرعا لا مطلقا، لاستحالة الترك بدونه كاستحالة الفعل بدونه.
ومن المقرر في محله أن الإنكار في الماضي يفيد الذم والتوبيخ، كما أنه في المستقبل يفيد الترغيب والتحريص، ولا معنى للذم والتوبيخ على ترك السجود إلا إذا كان واجبا، وهو فرع كونه مما أفاده الصيغة المجردة عن القرائن، كما أن الاستحقاق بهما فرع لفهمه عنها وهو المطلوب.
ويمكن تقرير ذلك: بأن الصيغة حين صدورها إن كانت مما فهم منها الوجوب فهو المطلوب، وإلا فيلزم الخطاب بما له ظاهر وإرادة خلافه على تقدير كونها حقيقة في غير الوجوب فقط، أو تأخير البيان عن وقت الحاجة على تقدير اشتراكها بين الوجوب وغيره.
واعترض عليه بوجوه:

(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 70 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»