تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٨٣
(الثالث: قوله تعالى: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ (1)) *،
____________________
المعنى الحقيقي، ضرورة عدم كفاية مجرد وجود القرينة في الانصراف بل لابد معه من الالتفات إليها من الطرفين، وهو في محل الكلام بالنسبة إلى المخاطبين محل شك فالأصل عدمه، فلذا ترى إبليس معترفا بعصيانه واستكباره لا معتذرا بعدم انفهام الوجوب عن الأمر المتوجه إليه، تعليلا بوقوعه عقيب الحظر.
لا يقال: لعله فهمه من القرينة الخارجة الواردة على تلك القرينة كما ذكر في تقرير الإيراد، لعدم القطع ولا الظن بوجودها فالأصل عدمها أيضا.
* والظاهر " أن " المصدرية وما بعدها متعلقة بقوله: (فليحذر) بتقدير حرف الجر على حد المنصوب بنزع الخافض.
ومن البين أن الاستدلال بالآية الشريفة بالتقريب الآتي من باب الاستدلال باللازم على ملزومه، فإن إصابة الفتنة والعذاب الأليم لمخالف الأمر من لوازم الوجوب، فترتبها على مخالفته متفرع على كونه مفيدا للوجوب.
ومن هنا يتوجه إشكال بأن أقصى ما يفيده الآية هو كون الأمر مفيدا للوجوب إذا كان من العالي بل الشارع، لاختصاص ما ذكر من اللازم بأمره، وأين ذلك من إثبات الحكم لغة وعرفا كما هو المطلوب في المقام.
ولكن يدفعه: أن الملزوم إذا لم يكن له جهة اختصاص يثبت عموم الحكم بالنسبة إليه بأصالة التشابه وغلبة الاتحاد.
غاية الأمر ثبوت الحكم بالآية في الجملة، فتكون كالتبادر الذي يجده الفقيه في طائفة مع الشك في وجوده في طائفة أخرى.
نعم يبقى الإشكال بأن الآية إنما تدل على كون مفاد لفظ " الأمر " هو الوجوب دون الصيغة، والمفروض أنه لا ملازمة بينهما، فلم لا يجوز أن يكون مستفادا (1) من الصيغة بمعونة القرينة الصارفة أو المعينة أو المفهمة على تقدير كونها لغير الوجوب أوله ولغيره، أو للطلب المطلق، فيبقى حكمها غير معلوم عن الآية.

(١) النور: ٦٣.
(2) في الأصل: " استفادة " والصواب ما أثبتناه في المتن.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»