تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٦٠٥

____________________
وهذا في الحقيقة خارج عن معقد الكلام الذي هو في العزم المجرد عن جميع الأفعال حتى الفعل المحرم، وإنما المقصود في المقام استعلام أنه هل له قبح ذاتي غير قبحه المقدمي بحيث أوجب فيمن تلبس به استحقاق الذم والعقاب الموجب لحرمته النفسية أو لا؟ وعلى الأول فهل ورد بالنسبة إليه خطاب مستقل من الشرع قاض بالمنع عنه شرعا أو لا؟
فنقول: لا ينبغي لأحد أن يرتاب في قبحه الذاتي نظرا إلى قضاء القوة العاقلة به، بل لا يأبى عن العقاب لأجله والذم على صاحبه كيف وهو من بناء العقلاء حيث نراهم أنهم لا يضائقون عن معاتبة العبد العازم على قتل مولاه بل لا يزالون يذمونه عليه، بل على عزمه على كل معصية له لو اطلعوا عليه مفصلا ويعاقبه المولى كذلك لو أحاط بما في ضميره كما هو أحاط بنفسه.
نعم لو قارن ذلك العزم للفعل بتداخل العقابان ويصير على أصل الفعل.
وبالجملة قبح نية المعصية من جملة ما يستقل به العقل قطعا ويكشف عنه لمن لا تدبر له بناء العقلاء.
فما في كلام بعض الأعاظم من منع حكم العقل بقبحه على وجه القطع ليس على ما ينبغي، فهذا مما لا إشكال فيه بل الإشكال في ورود ما يكشف عن قبحه واستحقاق العقوبة عليه من الأدلة الشرعية.
ويمكن الاستدلال عليه من الآيات والأخبار بوجوه.
منها: قوله تعالى: ﴿لله ما في السماوات والأرض﴾ (١) و ﴿وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير﴾ (2) فإنه تعالى عمم في التوعيد على ما في النفس بالنسبة إلى كلا تقديري إظهاره الذي هو عبارة إما عن جعله مقرونا

(٦٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 582 590 593 595 604 605 606 607 608 609 611 ... » »»