تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٥٩٣

____________________
العقل في مثل ذلك يقسم المستطيع إلى القادر وغيره، وحينئذ لا شبهة في أن القدرة المعتبرة في التكليف بالمقدمات ما كانت حاصلة عند الاستطاعة ولا عبرة بما كانت حاصلة قبلها ولو مع العلم بزوالها بعد ذلك، فلو ترك تحصيل المقدمات والحال هذه لا يكون آثما ولا يستحق ذما ولا عقابا، وكأن العقل إنما استفاد هذا المعنى من الخطاب الوارد في خصوص المقام من حيث إنه خص التكليف به بالمستطيع فلابد وأن يكون القادر على المكلف به ومقدماته أيضا هو المستطيع بوصف أنه مستطيع.
نعم لما كان قد اعتبر في صحته أمرا غير حاصل بمجرد حصول الاستطاعة مع عدم القدرة على تحصيله بالاعتبار فلا جرم يخصص القدرة بالنسبة إليه بما كان حاصلا عند حصول ذلك الأمر، فلا عبرة بما كان قبله ولو بعد الاستطاعة، بخلاف القدرة على المقدمات من حيث إنه لا مخصص لها فيبقى بعد حصول الاستطاعة على إطلاقها إلى مجيء زمان الفعل فيكتفى بها مطلقا ولو مع عدم إصابة العذر في الزمن المتأخر لو أخرت عن أول زمن الاستطاعة ومع العلم بذلك أيضا.
ومن هنا يندفع الإشكال بالنسبة إلى مقدمات الصلاة أيضا.
وتوضيحه: ما عرفت من أن اعتبار القدرة من جانب العقل، ولكن حكمه بذلك من باب الكشف عما اعتبره المولى فهو في ذلك يراجع الخطاب الصادر عنه ويلاحظه فإن ظهر من ذلك أن القدرة المعتبرة في المقدمة إنما هي الحاصلة في زمن الفعل يتبعه ولا يرى عبرة بحصولها قبله فلا يحكم بوجوب تحصيلها حينئذ إلا في ذلك الزمان، وإن كانت مما يحصل العجز عنها قبله، وإن لم يظهر ذلك من الخطاب استكشف عن إطلاق القدرة ويكتفى بها مطلقة ولو حاصلة قبل زمن الفعل.
ولا ريب أن الطهارة من شرائط الصلاة من القبيل الأول، من جهة أن الدليل الدال على كونها مقدمة للصلاة دل على اعتبار القدرة عليها بعد دخول وقت الصلاة كتابا وسنة.
أما الأول: ففي قوله عز من قائل: ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق - إلى قوله: - فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا﴾ (1) حيث جعل العبرة بوجدان الماء الموجب للطهارة المائية وفقدانه المجوز للطهارة الترابية بما بعد دخول وقت الصلاة، لمكان قوله: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) ضرورة أن القيام إلى الصلاة لا يكون إلا بعد

(٥٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 563 568 575 582 590 593 595 604 605 606 607 ... » »»