تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٦٠٧

____________________
حيثما أطلق في الأعمال الباطنية من الظنون والقصود ونحوها.
ومنها: قوله تعالى: ﴿إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا﴾ (١) فإن السمع والبصر ظاهران في الحاستين المعروفتين والفؤاد في القلب، ومعنى السؤال عن كل السؤال عما عمله، فإن لكل عملا في كل من الطاعة والمعصية، كما ورد في التفسير - على ما قيل: - " إن السمع يسأل عما سمعه والبصر عما رآه والفؤاد عما عقده " والسؤال فرع تعلق الخطاب، فلولا عمل القلب من قصده واعتقاده متعلقا للخطاب لما كان لذكره في جملة ما ذكر وجه.
هذا على تقدير عود الضمير المجرور إلى المذكور، وأما على تقدير عوده إلى غيره وهو نفس المكلف فيخرج عن محل الاستدلال، لكونه حينئذ من باب الإنطاق الذي ورد به الأدلة كتابا وسنة في سائر الجوارح والأعضاء.
ومنها: قوله تعالى: ﴿تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا﴾ (٢) فإنه تعالى خص الدار الآخرة بمن لا يريد الأمرين، وهو وعيد لمن يريدهما، فلولا مجرد الإرادة مبغوضا في نظره لما صح ذلك.
لا يقال: المراد بالإرادة هنا ما يقارنه الفعل ولا كلام فيه، لمنافاته لما في رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) - على ما في تفسير المحدث - إنه قال: " الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية ".
وفي أخرى - كما فيه وفي المجمع - عن علي (عليه السلام) " إن الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها " فإن هذا الرجل إذا دخل تحت الآية فقاصد المعاصي بطريق أولى.
ومنها: قوله تعالى: ﴿الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم﴾ (3) فإن المراد بالمحبة إما معناها الظاهر وهو الصفة النفسانية، أو ما يقرب منه وهو إرادة شيوع الفاحشة، أو السعي في إشاعة فاحشة الغير، والأول غير صالح للتوعيد لعدم كونه من الاختياريات، فتعين الثاني لكونه أقرب إلى المحبة بعد تعذر الحقيقة، فإذا كان إرادة شيوع فاحشة الغير محرمة فإرادة شيوع فاحشة النفس أولى بالتحريم، غير أنه مبني على كون المراد بشيوع الفاحشة حدوثها وخروجها عن العدم إلى الوجود، وهو خلاف ما يتبادر منه

(٦٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 593 595 604 605 606 607 608 609 611 613 634 ... » »»