تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٥٩٥

____________________
ذي المقدمة في المستقبل ليكون أحدهما علة للآخر، وإن أريد كونه علة كاشفة عن وجوبها وكونها مطلوبة للشارع فيعود المحذور، لأنه حينئذ لابد له من علة مثبتة وليست على ما هو المفروض إلا وجوب ذي المقدمة وهو غير حاصل قبل دخول الوقت، فكيف يستكشف عن معلوله مع أن المعلول يستحيل انفكاكه عن علته.
ولو أريد بوجوب المقدمة الذي يكشف عنه العلم أو الظن المذكور ما يثبت بالطلب الشأني - على حسبما بيناه، - فيرده: أن ذلك فرع كون شأنية الطلب محرزة لها ولا يكون ذلك إلا مع إحراز الطلب في ذيها فعلا أو شأنا وهو باطل.
أما الأول: فلأن المفروض عدم كون طلبه حاصلا بالفعل.
وأما الثاني: فلأن شأنية الطلب إنما تحصل له بعد حضور وقته المضروب له لأنه من موجبات حسنه.
وقضية ذلك حصولها للمقدمة أيضا بعد ذلك لأن المعلول لا يفارق العلة.
وأما ما يعترض عليه أيضا: بأن المراد من العلم أو الظن بوجوب الغير في وقته إما أن يكون وجوبه مطلقا ولو مع ترك مقدمته قبل وجوبه، فيكون ترك المقدمة باعثا على ترك الواجب في ذلك الوقت لعدم التمكن منه، أو يكون وجوبه على فرض وجود مقدمته لا مع عدمها.
فعلى الأول يتم ما ذكر من الوجه لكن تحقق الوجوب على النحو المذكور غير معقول، إذ لا يصح إيجاب الفعل مع عدم القدرة على مقدمته.
وعلى الثاني لا وجه لتعلق الوجوب بالمقدمة مع أن المفروض كون وجودها شرطا لوجوب الغاية، فمع انتفاء وجودها لا يتحقق وجوب الغاية في الخارج حتى يجب المقدمة لأجله، فلا يعقل هنا علم أو ظن بوجوبها مع ترك مقدمتها، فليس (1) مما ينبغي الالتفات إليه، لوضوح دفعه مع أنه لو استقام لجرى فيما لا يقع مقدمته إلا قبل حضور وقته كصيام رمضان، أو لا يسع وقته لأدائه وأداء مقدمته أو كانت المقدمة مما يصادفها عذر بعد ذلك، فيبقى الجواب في غير تلك الصور سليما عن الاعتراض.
واحتج بعض الأعاظم على ما اختاره من إطلاق القول بجواز وجوب المقدمة قبل دخول وقت الغاية باستقرار العرف والعادة على لزوم تقديم المقدمات على الأوقات، - إلى أن قال:
- وهذا أمر مركوز في النفوس لا سيما إذا كان وجوب الغاية مضيقا أو موسعا

(1) جواب لقوله: وأما ما يعترض عليه الخ.
(٥٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 568 575 582 590 593 595 604 605 606 607 608 ... » »»