تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٥٨٢

____________________
ذلك هو المراد من وجوب المقدمة لكان قولا بنفي الوجوب لا إثباته كما لا يخفى على المتدبر.
وأما الثاني: فلأنه ما لا ينكره القائل بعدم اعتبار وصف الإيصال في المقدمة، فإن الجزء الأول مفاد وجوب المقدمة على الإطلاق.
وأما الجزء الثاني فلأنه مفاد وجوب أصل الفعل كما عرفت، ولكن أخذه في مفهوم وجوب المقدمة كما ترى مما يكذبه السليقة ويرمى زاعمه باعوجاج الذوق والفطنة.
وأما الثالث: فلاستحالته من جهة أدائه إلى اشتراط إيجاب الشيء بحصوله نظرا إلى أن الوصول إلى الواجب يستلزم حصول المقدمة واشتراط الوجوب به اشتراط له بحصولها، مضافا إلى كونه من باب الإقدام على الفعل بعد حصول الغاية المطلوبة فيكون تحصيلا للحاصل.
وأما الرابع: فلاستلزامه انقلاب العلة التعليلية علة تقييدية أو كون الشيء علة تعليلية وتقييدية معا، والأول خلاف الفرض لما عرفت من أن المفروض كون الوصول علة غائية للطلب فكيف ينقلب قيدا في المطلوب، والثاني محال لأدائه إلى اجتماع النقيضين، فإن مقتضى تعليلية العلة إطلاق المطلوب ومقتضى تقييديتها كونه مقيدا وهما نقيضان.
وأما الأدلة التي تمسك بها الفاضل المذكور ففسادها أوضح من فساد أصل دعواه.
أما الوجه الأول: فلأن كون وجوب المقدمة من جهة الملازمة العقلية مسلم غير أنها ملازمة بين الوجوبين لا الوجودين، فإن وجود الواجب لما كان متوقفا على وجود مقدمته فالعقل يحكم بأن إيجابه يستلزم إيجابها ولكن دخول وصف الإيصال إليه فيها يتبع ثبوت الملازمة بين الوجودين، فإن كانت بحيث يستلزم وجودها لوجوده كما أن وجوده يستلزم وجودها كالعلة والجزء الأخير منها كان متعلق الوجوب هو المقدمة مع وصف الإيصال، فعدم ترتبه معه يكشف عن أن المأتي به من المقدمة ليس بهذا النوع من المقدمة الواجبة لا أنه ليس من مطلق المقدمة الواجبة، وإن كانت بحيث لا يستلزم وجودها لوجوده كالشرط ونحوه لكون الاستلزام من طرف واحد كان متعلق الوجوب هو هذه المقدمة لا مع وصف الإيصال، كيف (1) ولولا ذلك لزم أن لا يجب شرط أصلا، أو يعتبر فيه عند الوجوب انضمامه

(1) مع أنا نقول: إن وجه مناط وجوب المقدمة إنما هو كون تركها مفضيا إلى ترك ذيها كما تبين عما قدمناه من تقرير الاستدلال، وهذا معنى يشمل المقدمات الغير الموصلة في حد ذاتها بحسب الوجود إليه كالشروط وما هو بحكمها والمقدمات الموصلة كالعلل والجزء الأخير منها. (منه عفي عنه).
(٥٨٢)
مفاتيح البحث: الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 556 562 563 568 575 582 590 593 595 604 605 ... » »»