تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٥٣٧

____________________
فإن قلت: التكليف ثمة ابتلائي، والمقصود به قطع العذر وإتمام الحجة لصحة توجيه العقوبة.
قلنا: بمثله هنا، إذ لا فرق بين التكليف الحقيقي والتكليف الابتلائي، إلا في أن المقصود بالأصالة في الأول إنما هو الامتثال وتوجيه العقوبة على تقدير المخالفة مقصود بالتبع وفي الثاني إنما هو توجيه العقوبة من غير قصد للامتثال لامتناعه من العالم بالعواقب، والذي يرى التكليف ثابتا للكفار يراه بهذا المعنى لامتناع القسم الآخر من العالم بالعواقب في حقهم.
فإن قلت: فعلى هذا يحصل الفرق بينه وبين المحدث لكون التكليف ثمة حقيقيا فبطل النقض.
قلنا: مناط التكليف إنما هو تعلق الخطاب وهو موجود في كلا المقامين وما ذكر من الفرق اختلاف بينهما في الغاية المطلوبة من الخطاب وهو لا يوجب فرقا في الحكم الذي نحن بصدده، لأن الذي يراه غير ثابت في حقهم يزعم عدم تعلق الخطاب بهم لا أنه ينكر كون المقصود منه الامتثال مع اعترافه بتعلقه.
وثانيا: بالحل بمنع امتناع الفروع بمجرد الكفر، لأن منشأه إما إرادة عدم الإيمان أو علمه تعالى بعدم وقوع الإيمان منه، وأيا ما كان فلا يصلح للمنع.
أما الأول: فلأن الامتناع إنما هو ما دامت الإرادة باقية وهي اختيارية جزما والانصراف عنها إلى إرادة الخلاف مقدور قطعا، كما في العصاة بالقياس إلى الطاعات، فيكون الفروع مقدورة إذ المقدور بالواسطة كالمقدور بلا واسطة ضرورة، كما في المحدث ما دام محدثا.
وأما الثاني: فلأن العلم تابع للمعلوم تعلقا ومطابق له كما ولا تأثير له في ذلك الامتناع، بل هو معه من المقارنات الاتفاقية ناشئان عن الاختيار، فلا ينافيانه بل يؤكدانه ويحققانه، إذ لولا وقوع المعلوم لما تعلق به العلم ولما امتنع العمل الصحيح.
فإن قلت: المقصود استناد استحالة وقوع خلاف الكفر إلى علمه تعالى لئلا ينقلب جهلا لا استناد وقوع الكفر إليه، ومعه يمتنع الفروع امتناعا غير مقدور على إزالته.
قلت: ليس كذلك، إذ كما أن العلم تابع للمعلوم في أصل تعلقه فكذا مطابق له في جميع جهاته وموافق له في سائر خصوصياته، فإن كان المعلوم أبديا في وقوعه (1) فكذلك العلم في تعلقه، وإن كان المعلوم أحيانيا فكذلك العلم، فليس العلم بحيث قد تعلق به على جهة

(1) تحققه. (خ ل).
(٥٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 531 532 533 535 536 537 556 562 563 568 575 ... » »»