تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٦٠٨

____________________
عرفا وهو الشهرة والجهار.
مضافا إلى أنه المصرح به في كلام أهل اللغة - كما في المجمع - من تفسير " شاع " بذاع وظهر، فالفحوى لو تم لقضى بمنع إرادة التجاهر بالفسق، إلا أن يتم المدعى بعدم القول بالفصل من هذه الجهة.
أو يقرر الاستدلال من وجه آخر وهو: أن إشاعة عيوب الغير محرمة بنفسها ومبغوضة في نظر الشارع، كما يرشد إليه ما صح عن هشام - على ما في المجمع - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت أذناه كان من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة﴾ (١) " الآية، فيكون الآية توعيدا على ما يعم إرادة الإشاعة كما يومئ إليه التعبير في الرواية المذكورة بلفظة التبعيض.
هذا ولكن الإنصاف أن قرب الإرادة من المحبة اعتباري صرف، وإلا فالأقرب إليه عرفا في مثل تلك العبارة إنما هو السعي في الإشاعة، فينهض الآية دليلا على تحريم نفس الإشاعة ولا تلازم بينه وبين تحريم إرادة الإشاعة، وإنما عبر عنه بالمحبة ليكون من باب التعبير باللازم لإرادة الانتقال إلى ملزومه مراعاة لزيادة بلاغة الكناية فليتدبر.
ومنها: الرواية التي رواها الكليني - على ما في كلام بعض الأعاظم - عن أبي هاشم قال:
" قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما خلد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا، وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا أن يطيعوا الله، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء.
ثم تلا قوله تعالى: ﴿قل كل يعمل على شاكلته﴾ (2) قال: على نيته ".
ومنها: ما سمعناه عن بعض مشايخنا مرسلا من قوله (عليه السلام) إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه أراد قتل صاحبه ".
ومنها: مثله من قوله: " الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى الداخل إثمان إثم الرضا وإثم الدخول ".
ومنها: كذلك من قوله (عليه السلام): " وإنما يحشر الناس على نياتهم يوم القيامة ".
ومنها: صريح التعليل الوارد في تفسير قوله تعالى: (قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن

(٦٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 595 604 605 606 607 608 609 611 613 634 646 ... » »»