تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٦٠٩

____________________
كنتم مؤمنين) (1) خطابا إلى كفار قريش وبني أمية حيث سئل عن علة إسناد القتل إليهم وليسوا بقاتلين، وإنما قتل آباؤهم الأولين، قال: لأنهم كانوا يرضون بما صدر من آبائهم من قتل الأنبياء.
ومنها: الأخبار الدالة على العفو عن نية السيئة، وهي على ما قيل كثيرة.
منها: ما رواه بعض الأعاظم عن الكليني في الصحيح عن جميل بن دراج عن بكير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أو أبي جعفر (عليه السلام) فقال: إن آدم (عليه السلام) قال يا رب سلطت علي الشيطان وأجريته مني مجرى الدم فاجعل لي شيئا، فقال: يا آدم جعلت لك إن من هم من ذريتك السيئة لم يكتب عليه فإن عملها كتبت عليه سيئة، ومن هم منهم بحسنة فإن لم يعملها كتب له حسنة وإن هو عملها كتبت له عشرا.
وعن فضيل بن عثمان المرادي سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع من كن فيه لم يهلك على الله عز وجل بعدهن إلا هالك، يهم العبد بالحسنة فيعملها فإن هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته، وإن هو عملها كتب الله له عشرا، ويهم بالسيئة أن يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شيء وإن هو عملها أجل سبع ساعات... إلى آخره.
ووجه الدلالة: أن نفي الكتابة في نية السيئة المجردة عن العمل وإن احتمل كون المراد به نفي الحرمة والخطاب أو نفي المؤاخذة والعقاب، غير أن الظاهر المنساق منه عرفا إنما هو نفي كتابة أصل النية في زبر الأعمال، نظرا إلى أن الذي يكتبه الملكان إنما هو أصل العمل من خير أو شر من صغيرة أو كبيرة، وهو يستلزم نفي المؤاخذة والعقاب أيضا فلولا أصل النية قبيحة ولا محرمة مبغوضة عند الله سبحانه لما تم الامتنان والإنعام الذي سيق لبيانه الكلام.
وظاهر الروايات اعتبارا ومساقا كون المنفي نفس النية لا المنوي وإلا لخرجت القضية منتفية الموضوع وهو خلاف الأصل ومناف للسياق.
فما قيل من أنه لا دلالة فيها على أن العزم على المعصية معصية، بل تدل على أن من عزم على معصية كشرب الخمر أو الزنا مثلا ولم يعملها لم يكتب عليه تلك المعصية التي عزم عليها وإن هذا من ذلك، ليس مما يلتفت إليه.
فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون المراد به رفع المؤاخذة المستلزمة لرفع الحرمة كما في

(٦٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 604 605 606 607 608 609 611 613 634 646 647 ... » »»