تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٥٧
والجواب: أن الذي يتبادر من إطلاق الأمر ليس إلا طلب الفعل. وأما
____________________
الأمر أيضا، فيرد عليه: ما تقدم في أوائل المبحث من أن الفور الذي يلزمه التكرار غير ما يقول به أصحاب القول بالفور.
مع أن الفور الذي في مدلول النهي عبارة عن التزام الترك عن ثاني زمن الخطاب إلى ما شاء الله، وهذا المعنى لا يكاد يراد من الفور في باب الأمر وإن تقدم ذكره في جملة محتملاته لأدائه إلى التكليف بما لا يطاق في غالب الموارد كما لا يخفى، فلذا فسره جماعة من الفحول بالفور العرفي أو أول أزمنة الإمكان.
وبالجملة وجوه الفرق بين الأصل والفرع كثيرة ومعه لا يستقيم القياس، مضافا إلى توجه منع الحكم في الأصل أيضا، فإن النهي على ما يقتضيه التحقيق وسيأتي في محله لا يدل إلا على طلب ترك الماهية.
غاية الأمر أنه يستلزم دوام الترك المستلزم للفور فلا يكون دلالته على الفور بالوضع كما يدعيه الخصم في الأمر، فلو أراد إثبات نظيره في الأمر يرده الخروج عن المتنازع فيه مع ابتنائه على كونه للتكرار وهو خلاف التحقيق كما تقدم.
وعن الثاني: منع اقتضاء الأمر للنهي عن ضده أولا إن أريد به الخاص، ومنع إفادة هذا النهي للفور ثانيا إن أريد به العام، بل هو تابع للأمر فإن فوريا ففوري وإن مطلقا فمطلق، ولو سلم فيه فهو مدلول التزامي ومحل النزاع ما كان وضعيا، فالمطلوب غير ثابت والثابت غير مطلوب.
مضافا إلى أداء الاستدلال إلى الدور المصرح من جهة [توقف] كون الأمر للفور على إفادته النهي عن الضد الخاص، والمفروض أنها تتوقف على كون الأمر للفور إذ الأمر الذي يفيده إنما هو الأمر المضيق، فلذا أطبقوا على تخصيص محل النزاع في بحث الأمر بالشيء بما لو كان الأمر مضيقا والضد موسعا، كما سيأتي ذكره مفصلا.
* محصله يرجع إلى منع وقوع الاستعمال في كل منهما بقيد الخصوصية ليلزم منه الدلالة على الحقيقة فيهما، بل غايته كونه من باب إطلاق الكلي على الفرد، وسند المنع الذي ينهض دليلا على هذه الدعوى إبداء تبادرين في المقام كما هو الشأن في كل كلي يطلق على أفراده، أحدهما: أولي يحصل بملاحظة اللفظ بنفسه بالنسبة إلى طلب الفعل من حيث هو، والآخر: ثانوي يحصل بملاحظة القرينة الخارجة بالنسبة إلى الخصوصيتين.
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 256 257 258 259 261 262 263 ... » »»