تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٥٨
الفور والتراخي فإنهما يفهمان من لفظه بالقرينة. ويكفي في حسن الاستفهام كونه موضوعا للمعنى الأعم، إذ قد يستفهم عن أفراد المتواطي * لشيوع
____________________
وتوضيح ذلك: أن اللفظ عند إطلاقه على الفرد لا يتبادر منه بمجرد سماعه إلا معناه الحقيقي الذي هو نفس الطبيعة، ثم بملاحظة القرائن الخارجة عنه يحصل الانتقال للذهن إلى الفرد، وإرادة الفور والتراخي من الأمر إنما هو من هذا الباب لانفهامهما بعد انفهام طلب الماهية عن نفس اللفظ بملاحظة الخارج لا عن نفس اللفظ، فلم يتحقق له بالنسبة إليهما استعمال حتى يكون دليلا على الحقيقة فيهما من باب الاشتراك اللفظي.
ودعوى: أن هذا المعنى لا يلائمه قوله: " فإنهما يفهمان من لفظه بالقرينة " تعليلا: بأن المناسب على هذا أن يقول: " فإنهما يفهمان من القرينة " كما في كلام المدقق الشيرواني في مقام الاعتراض على بعض المحققين الحامل للعبارة على ما فهمناه بقوله: " حاصله:
منع أن الأمر بمجرده مستعمل في خصوص الفور والتراخي حتى يقتضي كونه حقيقة فيهما، بل مستعمل فيما هو أعم منهما والخصوصية يفهم من شيء آخر مما ينضم إلى الصيغة ".
يدفعها: أن حمل هذا الجزء من العبارة على المسامحة في التعبير أولى من حمل تمامها على ما يساعده الذوق، بل يبعده السليقة (1) من أن حاصلها: أن الاستعمال وإن دل على الحقيقة إلا أن التبادر الذي هو أقوى منه يعارضه، بدعوى: أن الاستعمال الذي يدل على حقيقية المستعمل فيه إنما هو الاستعمال الذي لا يعلم كونه بسبب القرينة ومعونتها، وهو فيما نحن فيه معلوم كونه بمعونة القرينة، وأما مع عدمها فلكونه مما يتبادر منه المطلق دون الفور والتراخي لا يصح استعماله في أحدهما، فقد سلم المجيب استعمال اللفظ في كل منهما ومنع الدلالة للعلم بمدخلية القرينة وتبادر غيرهما مع تجرد اللفظ.
وأنت خبير بأن ذلك بعيد عن العبارة غاية البعد، كيف وأن صحة الاستعمال في الخصوص بلا قرينة لا إشكال فيها، غايته لزوم التجوز ووجود القرينة غير شرط في صحته عند القوم، فحمل عبارة المصنف على دعوى: أن اللفظ مع عدم القرينة لا يصح في استعماله في أحدهما ليس مما ينبغي، بل توجيه بما لا يرضى به المصنف جزما.
* تعليل لما ادعاه من حسن الاستفهام مع الوضع للمعنى الأعم، فإن المتواطي إذا جاز

(1) أي ويبعد السليقة أن تكون محصل مراد المجيب هكذا: الخ، ولا يخفى أن ما ذكره بقوله: " وحاصلها أن الاستعمال الخ " مأخوذ أيضا من كلام المدقق الشيرواني في الحاشية فلا تغفل.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 256 257 258 259 261 262 263 264 ... » »»