تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٥٦
الفور على غيره من الخبر والإنشاء، وبطلانه بخصوصه ظاهر. وأما ثانيا فبالفرق بينهما بأن الأمر لا يمكن توجهه إلى الحال، إذ الحاصل لا يطلب، بل الاستقبال، إما مطلقا، وإما الأقرب إلى الحال الذي هو عبارة عن الفور، وكلاهما محتمل؛ فلا يصار إلى الحمل على الثاني إلا لدليل.
السادس: أن النهي يفيد الفور، فيفيده الأمر؛ لأنه طلب مثله. وأيضا الأمر بالشيء نهي عن أضداده، وهو يقتضي الفور بنحو ما مر في التكرار آنفا.
وجوابه: يعلم من الجواب السابق *؛ فلا يحتاج إلى تقريره.
احتج السيد (رحمه الله) بأن الأمر قد يرد في القرآن واستعمال أهل اللغة ويراد به الفور، وقد يرد ويراد به التراخي. وظاهر استعمال اللفظة في شيئين يقتضي أنها حقيقة فيهما ومشتركة بينهما. وأيضا فإنه يحسن بلا شبهة أن يستفهم المأمور - مع فقد العادات والأمارات -: هل أريد منه التعجيل أو التأخير؟ والاستفهام لا يحسن إلا مع الاحتمال في اللفظ.
____________________
* والظاهر أن المراد بالجواب السابق ما ذكره جوابا عن الوجه الخامس من أنه قياس في اللغة وبطلانه بخصوصه ظاهر.
ويشكل: بأنه يصلح جوابا عن الوجه الأول فيبقى الوجه الثاني بلا جواب يرده، ولو أريد بالجواب السابق ما تقدم عن الوجهين في البحث السابق ارتفع هذه الحزازة، غير أنه خلاف ظاهر العبارة بالضرورة، وكيف كان فيرد على الوجه الأول:
أولا: كونه قياسا في اللغة وهو باطل اتفاقا منا ومن جمهور العامة.
وثانيا: كونه مع الفارق، فإن النهي إنما يقتضي الفور لكونه لطلب ترك الطبيعة الذي لا يتحقق إلا بدوام الترك المستلزم لفورية الترك، نظرا إلى شمول الدوام لزمان الفور أيضا، وانتفاء هذا المعنى في الأمر واضح من انتفاء الدوام في مدلوله كما سبق في البحث السابق.
مع أن الثابت في مدلول النهي إنما هو وجوب الدوام في الترك وهذا المعنى كما ترى لا دخل له في وجوب الفور، فإن بينهما بونا بعيدا إلا أن يقول المستدل بوجوب التكرار في
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 256 257 258 259 261 262 ... » »»