أصالة الشركة ولا دلالة له على عدم رجحان الفعل ما لم ينضم إليه شاهد آخر لجواز تركه إلى مندوب آخر الرابع لا ريب في أن فعل الامام بل المعصوم مطلقا حجة على جواز الفعل في حقنا كما أن تركه حجة على عدم وجوبه إن لم يكن من خواص منصبه والظاهر دلالة فعله على رجحانه كما مر في فعل النبي صلى الله عليه وآله ولا دلالة لتركه على عدم الرجحان ما لم ينضم إليه شاهد وبقية الكلام هنا يعرف بالمقايسة إلى ما سبق إلا أن القول بعدم وجوب التأسي هنا أظهر في غير مقام البيان ويدل على رجحان التأسي بالامام عموم قوله في الزيارة المعروفة وجعلني ممن يقتص آثاركم ويسلك سبيلكم فصل إذا عمل مكلف بمحضر المعصوم عملا فعلم به ولم ينكره عليه مع تحقق شرائط وجوبه بأن انتفي موانع الانكار كالتقية وطال زمن الفعل من حين علمه به بحيث تمكن المعصوم من زجره عنه على تقدير حرمته أو ظهر منه العزم على المعاودة فإنه يستفاد من ترك الانكار عدم التحريم في حق الفاعل من جهة وجوب النهي عن المنكر على تقدير علم الفاعل بتحريمه و تعليمه حكم التحريم على تقدير جهله به وفي حق غيره من جهة أن حكم الواحد حكم الجماعة وأما إذا لم يعلم به أو كان هناك مانع من الانكار كالتقية وكذا لو كان الانكار غير نافع ولم يكن المعصوم مبسوط اليد على الفاعل أو قصر زمن الفعل بحيث لم يسع الانكار ولم يظهر من فاعله العزم على المعاودة لم يكن في ترك الانكار دلالة على الجواز أما فيما عدا الأخير فواضح وأما في الأخير فلجواز كونه من الصغائر فيقع من فاعله مكفرا نعم يدل على عدم كونها من الكبائر قطعا ولو عمل بمحضره عملا من عبادة أو معاملة قاصدا به شرعيته بحيث علم المعصوم به وبنيته ولم يكن هناك مانع من الانكار دل على كون العمل مشروعا صحيحا وإلا لأنكر عليه لحرمة التشريع وكذا الكلام في كيفية العمل إذا ظهر من حال فاعلها التعمد بها وإلا جاز ترك الانكار للحمل على السهو والاشتباه فلو صلى مصل بمحضره وترك السورة أو التشهد ولم يظهر من حاله التعمد لم يكن في ترك الانكار والاعلام بالترك دلالة على عدم وجوبهما نعم لو قصد عرض صلاته عليه اتجه ذلك وفي حكم الفعل حكاية الفعل فنستفيد من عدم إنكاره عليه السلام لتعويل السائل على ظنه حيث قال ظننت أن الامام ركع فركعت أن التعويل على الظن بسبق الامام جائز إلى غير ذلك فصل من فعل المعصوم وحكمه ما يرجع إلى رياسته العامة كالجهاد ونصب القضاة والتصرف في بيت المال والقضاء في الحقوق والدعاوي ويشاركه الفقيه الجامع للشرائط في الأخير ومنه ما يقع على وجه التعليم وبيان الحال وهو الغالب في العبادات و المعاملات وما يلحقها وقد يقع الاشتباه بين القسمين كقوله لزوجة أبي سفيان خذي لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف حيث قالت إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني وولدي ما يكفيني فيحتمل أن يكون من قبيل القضاء فلا يجوز التقاص بدون إذن الحاكم وأن يكون بيانا لحكم الواقعة فيجوز بدونه ومثله قوله من أحيا أرضا فهي له فإنه يحتمل الأول فلا يملك الأرض بالاحياء بدون إذنه عليه ويحتمل الثاني فيجوز بدونه والثاني أظهر حيث لا دليل على خلافه لأنه الغالب فيكون الحمل عليه أولى فصل إذا ورد في الكتاب أو السنة المعتبرة سواء كانت متواترة أو لا حكاية حكم مخالف للأصل ثبت في حق الأمم السابقة ولم يثبت بقاؤها في حقنا ولا نسخها فهل ثبت في حقنا أو لا قولان والأظهر التفصيل بين الاحكام التي يثبت في شرائعهم بألفاظ يدل على ثبوت الحكم في جميع الأزمان ما لم ينسخ أو يخصص وبين ما ثبت بألفاظ لا يدل على ثبوته في حقنا فنختار بقاءه في الأول بدليل أصالة عدم النسخ والتخصيص وفي الثاني عدم ثبوته في حقنا للأصل السالم عن المعارض بل قد لا يثبت في حق غير المخاطبين أيضا إلا بدليل [بسند] منفصل كما لو كان البيان بخطاب شفاهي نعم قد يستفاد من فحوى الحكاية ثبوته في حقنا فيثبت به لكن يخرج عن محل البحث ويمكن قصر النزاع على القسم الثاني فيتجه القول بالنفي مطلقا احتج الخصم بالاستصحاب و بأن حسن الافعال وقبحها ذاتيان فإذا ثبتا في وقت وجب استمرارهما لامتناع تخلف الذاتي والجواب أما عن الأول فبأن الحكم الثابت في حق جماعة لا يمكن استصحابه في حق آخرين لتغاير الموضوع فإن ما ثبت في حقهم مثله لا نفسه ولهذا نتمسك في تسرية الاحكام الثابتة في حق الحاضرين أو الموجودين إلى الغائبين أو المعدومين بالاجماع والأخبار الدالة على الشركة لا بالاستصحاب ولبعض المعاصرين في دفع الاستصحاب جواب يأتي بيانه بما فيه في ذيل مبحث الاستصحاب ويمكن أن يجاب أيضا بأن الظاهر من نسخ هذه الشريعة للشريعة السابقة عليها نسخها بالكلية إلا ما قام الدليل على عدم نسخه كوجوب المعارف مع احتمال تعميم النسخ إلى الجميع بناء على أن وجوب المعارف وشبهه الثابت في شرعنا حادث مغاير للوجوب الثابت في الشرع السابق وإن ماثله فنحن مكلفون بالمعارف وشبهها من حيث ثبوتها في شرعنا لا من حيث ثبوتها في الشرائع السابقة ولا يخفى بعده لمخالفته للآيات الامرة باتباع ملة إبراهيم و الاقتداء بهدى الأنبياء ونحو ذلك وأما عن الثاني فبما سيأتي تحقيقه من منع كونهما ذاتيين غالبا وحيث يثبت الذاتية فلا نتحاشى عن الحكم بالبقاء إلا أن الحكم في مثله إنما يثبت بالعقل لا لثبوته في الشريعة السابقة وقد ذكر بعضهم للمسألة فروعا منها أرجحية العبادة على التزويج لمدحه تعالى عيسى بن مريم و يحيى بكونه حصورا ومنها حصول الوفاء بالنذر فيما لو نذر أن يضرب عبده مائة خشبة فضربه بالضغث لقوله تعالى لأيوب وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث مع أن النذر ينصرف إلى غيره ومنها وجوب الاخلاص فيما
(٣١٥)