ولا يصار إليه إلا بعد ثبوته فيخرج عن محل الفرض ولو فرض أنه صلى الله عليه وآله أتى بالفعل بنية الوجوب ولم نعلم به وفعلناه بنية الندب تعويلا على الأصل صح العمل أيضا إذ مجرد نية الندب في الواجب لا يوجب الفساد لا سيما إذا كان لدليل شرعي وحينئذ فيحصل التأسي فيه من حيث إتياننا بالفعل بقصد القربة وإن لم يحصل التأسي في نية الوجوب ومنها قوله تعالى فاتبعوه فإن الاتباع يعم اتباعه في الفعل والقول فيجب اتباعه في الفعل وهو المقصود و قوله تعالى إن كنتم تحبون الله فاتبعوني فإن مفاده أن من أحب الله اتبع الرسول فينعكس بعكس النقيض إلى قولنا من لم يتبع الرسول لم يحبب الله لكن حبه تعالى واجب كما يدل عليه قوله عن ذكره و الذين آمنوا أشد حبا لله وقوله تعالى قل إن كان آباؤكم إلى قوله أحب إليكم من الله الآية وفي هذا البيان نظر والأولى أن يقال إذا ثبت وجوب الاتباع على تقدير المحبة ثبت على تقدير عدمها إذ لا قائل بالفصل والجواب أن الظاهر من الاتباع اتباع أوامره ونواهيه سلمنا لكن لا بد من حمل الامر على مطلق الطلب لئلا يلزم التخصيص بالأكثر المرجوح على تقدير جوازه بالنسبة إلى حمل الامر على مطلق الطلب لا سيما إذا قلنا بأنه حقيقة فيه كما هو المختار وإن كان التخصيص في نفسه راجحا على أغلب وجوه التصرف وقد يقال الاتباع في الفعل إنما يتحقق بإيقاعه على الوجه الذي أوقع عليه كما مر في التأسي فيتوقف على العلم به فلا يتم مع عدمه كما هو محل البحث وفيه ما مر ومنها أن إطاعته صلى الله عليه وآله واجبة فيجب التأسي به أما الأول فلقوله تعالى أطيعوا الله والرسول وقوله تعالى من أطاع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا فإن المقابلة دليل على وجوب الإطاعة وأما الثاني فلان الإطاعة بمعنى المتابعة فيعم المتابعة في الافعال والأقوال والجواب أن المفهوم من الإطاعة هي المتابعة في الأقوال كما في إطاعته تعالى دون الافعال بدلالة العرف مع أصالة عدم النقل ولو سلم التعميم كان اللازم حمل الامر على الطلب المطلق بقرينة ما مر ومنها قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره فإن الامر حقيقة في الفعل والتحذير عن مخالفته دليل الوجوب والجواب أن الامر كما يطلق لغة على الفعل كذلك يطلق على الطلب الإلزامي كما بيناه سابقا والظاهر منه في الآية هو الثاني ومع التنزل فلا أقل من الاحتمال المستلزم للاجمال فلا يتم الاستدلال وذلك لما حققناه سابقا من بطلان ما ذهب إليه البعض من ظهور المشترك في جميع معانيه عند عدم القرينة ومنها الاحتياط لاحتمال الوجوب والجواب أن الاحتياط إنما يفيد الاستحباب دون الوجوب وقد يجاب بأن الاحتياط في الفعل إنما يثبت مع أمن الضرر وهنا ليس كذلك لجواز كون جوازه من الخصائص ويضعف بندرة الخصائص فيقوى [فيتقوى ] احتمال الوجوب على احتمال التحريم فيتقوى الاحتياط في احتمال الوجوب تنبيهات الأول إذا أوقع صلى الله عليه وآله فعلا في مقام البيان سواء كان المبين عبادة كالصلاة والحج أو معاملة وما بحكمها كالبيع والتطهير فما علم من حاله اعتباره في المبين شطرا أو شرطا ثبت اعتباره فيه كذلك وما علم عدم اعتباره فيه وكونه من المقارنات ثبت عدم اعتباره فيه وما يستظهر من حاله اعتباره فيه على أحد الوجهين ثبت أيضا اعتباره فيه كذلك كما أن ما يستظهر من حاله عدم اعتباره فيه يثبت عدم اعتباره فيه والدليل على حجيته الظهور هنا هو الدليل على حجيته في الألفاظ فإن العادة جارية على الاعتماد عليه في المقامين فيجب على الحكيم المبين بفعله نصب الامارة على ما هو الظاهر من فعله المسوق في مقام البيان عند مخالفته لما عنده كما يجب عليه نصبها على خلاف ما هو الظاهر من كلامه عند عدم إرادته له حذرا من الاغراء بالجهل وأما موارد الشك مما يحتمل اعتباره في المبين وعدمه عند الخبير بحال البيان فالوجه عدم اعتباره فيه كما في مواضع الشك من دلالة اللفظ عند المخاطب الخبير بمداليل الألفاظ وأما بالنسبة إلى غيره فالكلام في جريان أصل البراءة وأصل العدم فيه أو لزوم الاحتياط ما مر غير مرة الثاني إذا علم بأنه صلى الله عليه وآله أتى بالفعل بنية الوجوب و لم يظهر منه أنه من الخواص فالظاهر وجوبه في حق الأمة أيضا خلافا لبعضهم لظاهر آية التأسي وإخباره فإن المستفاد منها رجحان الاتيان بما فعله صلى الله عليه وآله على الوجه الذي فعله فيجب إذا فعله على وجه الوجوب إذ لا معنى لاستحباب الاتيان بالفعل على وجه الوجوب ولا يقدح احتمال كونه من الخصائص كالتهجد لندرتها مع أن مجرد الاحتمال لا يوجب المصير عن ظاهر الاطلاق وكذا الكلام فيما لو علم بإيقاعه صلى الله عليه وآله له بنية الندب فيثبت الندب في حق الأمة أيضا والقول بعدم الثبوت التأسي هنا لجواز كونه من الخصائص ضعيف أيضا ومثله القول في المعاملات فإذا أوقع صلى الله عليه و آله معاملة دل على صحتها في حق الأمة ما لم يقم دليل على كونها من الخصائص كما في العقد على ما فوق الأربع وقبوله صلى الله عليه و آله هبة المرأة نفسها له على الزوجية والأصل في ذلك بعد دلالة الظاهر على الشركة في الحكم عموم أدلة التأسي فإنها تدل على صحة المعاملة في حقنا على تقدير قصد التقرب بها فيثبت الصحة على تقدير عدم قصده بضميمة ما دل على عدم اشتراطها به ولو احتمل كونها من المعاملات المشوبة بالعبادة كالعتق اقتصر في الحكم بالصحة على تقدير قصد القربة ومما قررنا يظهر ضعف تفصيل البعض بين العبادات والمعاملات حيث منع التأسي في الثاني لجواز كونه من الخصائص الثالث إذا أتى صلى الله عليه وآله بعمل على كيفية مخصوصة ثبت التأسي فيه بالنسبة إلى أصل العمل مع ما يعلم أو يستظهر اعتباره فيه شطرا أو شرطا من الافعال والأحوال من الزمان و المكان والكيفية والكلام فيما يحتمل اعتباره فيه ما مر ولو أتى بالفعل مرة واحدة ثبت التأسي بالنسبة إلى المرة ما لم يعلم أو يستظهر من قرائن الأحوال عدم مدخلية المرة في رجحانه ولو أتى به مرات عديدة فكذلك وكذا لو داوم عليه مدة العمر ولو ترك فعلا دل على عدم وجوبه في حقه قطعا وفي حق غيره بناء على
(٣١٤)