الترحم بالبعض وقد يعد من أسباب التعديل أمور أخر منها كون الراوي وكيلا لاحد الأئمة لأنهم لا يوكلون الفاسق ووجهه غير ظاهر نعم لو كان التوكيل فيما يشترط فيه العدالة دل عليها لكنه نادر ومثله نصبه قيما على الصغير أو أمره بالافتاء ونحو ذلك ومنها كونه كثير الرواية وهو غير بعيد فيما إذا أكثر الثقة الجليل منه كما في إبراهيم بن هاشم أو أكثر القميون منه الرواية لا سيما أحمد بن محمد بن عيسى منهم فإن طريقتهم معروفة ومنها كونه من مشايخ الإجازة لعدم أهلية الفاسق لهذا المنصب وربما يشكل بجواز أن يكون الغرض اتصال السند في كتاب معروف أو يكون رواياته في مقام معتضدة بأمارات يوجب الوثوق بها أو يكون الغرض مجرد جمع الاخبار والعمل عند الاعتضاد والاحتمال الأخير لا يخلو من بعد و من هنا يتقوى ما قيل من أن مشايخ الإجازة إما ثقات أو لا حاجة في السند إليهم ومنها أن يروي عنه من قيل في حقه لا يروي إلا عن ثقة و يضعفه عدم اعتداد الأكثرين به في أمر التوثيق مع احتمال أن يراد به أنه لا يروي إلا عن من يوثق به ولو في خصوص الرواية التي يرويهما لدلالة أمارة عليه نعم يدل بظاهره على نوع اعتماد عليه ولهم في الجرح أيضا ألفاظ منها قولهم كذاب يضع الحديث أو من الكذابين المشهورين أو ملعون أو ما أشبه ذلك ومنها قولهم غال أو من الطيارة وهو بظاهره يوجب القدح ما لم يقم من الخارج اعتبارات تقتضي عدم الاعتداد برميهم كما نبهنا عليه سابقا ومنها قولهم ضعيف أو ضعيف في الحديث وهو غير صريح في التفسيق لجواز أن يكون التضعيف من حيث الاعتماد على المراسيل كما هو الظاهر من الأخير ولو صرح بذلك لم يقدح قطعا وإن عده بعضهم قادحا كما عن كثير من القميين ومنها قولهم غمز عليه والكلام فيه كسابقه ومنها قولهم يعرف حديثه تارة وينكر أخرى فإن أريد أن حديثه يقبل عند إسناده إلى ثقة وينكر عند إسناده إلى غير ثقة دل على مدحه بل وثاقته وكان الطعن فيمن يروى عنه وإن أريد أن حديثه يعرف عند اعتضاده بأمارات الوثوق وينكر عند تجرده عنها دل على الطعن فيه والثاني أقرب بدليل تخصيصه بالبعض ومنها قولهم مضطرب الحديث ومختلط الحديث وليس بنفي الحديث وفيه دلالة على الطعن فيه أو في رواياته وربما أمكن أن يجامع ذلك مع التوثيق وأما قولهم ليس حديثه بذلك النفي فدلالته على المدح أقرب من دلالته على القدح ومنها قولهم ليس بذاك وعده بعضهم ذما وبعضهم مدحا والأول مبني على أن المراد ليس بثقة والثاني يبتني على أن المراد ليس بحيث يوثق به وثوقا تاما والكل محتمل ولعل الثاني أقرب ومنها رميه ببعض المذاهب الفاسدة وقد عرفت منا جواز التعويل على روايته مع ثبوت وثاقته وتحرزه عن الكذب فصل إذا قال العدل أو العدلان بناء على اعتبار التعدد حدثنا عدل ففي الاكتفاء به بناء على اشتراط العدالة في الراوي وعدمه قولان فذهب المحقق إلى الأول والشهيد الثاني إلى الثاني وهو مختار صاحب المعالم والأقرب القبول مع تعذر الاطلاع على ما يعارضه أو تعسره لنا أن المقتضي للقبول حينئذ وهو تزكية العدل موجود وما يتخيل مانعا من عدم تعيين الراوي لا يصلح مانعا لما سنبينه من بطلان ما تمسك به المانع مع عدم ما يصلح له سواه وأما عدم القبول مع إمكان الاطلاع على المعارض فلان وظيفة المجتهد استفراغ الوسع في تحصيل الحكم ولا يتحقق ذلك بالتعويل على تعديل العدل بدون الفحص عن المعارض مع إمكانه ولا فرق في ذلك بين من ذكر مبهما أو معينا احتج صاحب المعالم بأن تعديل العدل إنما يقبل مع انتفاء معارضة الجرح وإنما يعلم ذلك مع تعيين المعدل لينظر هل له جارح أو لا ومع الابهام لا يؤمن وجوده والتمسك في نفيه بالأصل غير متوجه بعد العلم بوقوع الاختلاف في شأن كثير من الرواة قال و بالجملة لا بد للمجتهد من البحث عن كل ما يحتمل أن يكون له معارض حتى يغلب على ظنه انتفاؤه كما سبق التنبيه عليه في العمل بالعام قبل البحث عن المخصص انتهى والجواب أن الحجة الشرعية لا نطرح بمجرد احتمال وجود معارض لها إذا لم يعثر عليه بعد الفحص أو تعذر الفحص بل لا بد من ثبوته وعلمنا بأن بعض أفراد التعديل مقدوح بالجرح إنما يقتضي عدم جواز التعويل على ذلك البعض بالخصوص ولا يتسرى إلى ما لا علم بوجود المعارض له بعد الفحص أو تعذره كيف ولو أثر ذلك لادى إلى عدم قبول التعديل غالبا وإن عين الشخص إذ لا مسد لاحتمال وجود المعارض وإن لم نعثر عليه فإن الشك في معارضة المعارض الموجود هنا بمنزلة الشك في أصل المعارض كما لا يخفى هذا إن قرر وجه المنع باعتبار التعديل وإن قرر باعتبار الشخص المعدل من حيث احتماله لان يكون ممن ثبت الجرح في حقه فيلزم أن لا يقبل التعديل في حقه من جهة الاشتباه ففيه أن تحقق الجرح في حق البعض لا يوجب عدم القبول في حق من لا علم بكونه منهم كيف وليس علمنا من جهة جرح الجارح بانتفاء صفة العدالة عن البعض المعين المحتمل لكونه ذلك المعدل المبهم بأولى من علمنا إجمالا من جهة العادة بانتفائها عن البعض المحتمل لكونه المعدل المعين فالاشكال المذكور لو تطرق إلى الأول لتطرق إلى الثاني أيضا فيلزم أن لا يصح التعويل على تعديل أصلا ولو اكتفي بالتعديل في الثاني طريقا إلى استعلام خروج المعدل تعيينا عمن علم إجمالا بعدم عدالتهم فليكتف به في الأول أيضا طريقا إلى استعلام خروج المعدل إجمالا عمن علم عدم عدالتهم تفصيلا وقوله ومع الابهام لا يؤمن إلخ مردود بأنه إن أراد عدم حصول القطع به فهو غير حاصل مع التعيين غالبا فيجب عدم القبول فيه أيضا وإن أراد عدم حصول الظن بصحة التعديل مع الابهام فضعفه ظاهر لان الغالب سلامة التعديل عن الجرح والمكافئ وهو يوجب الظن بصحة التعديل ما لم يعثر على معارضه مع أن هذا البيان لا يستقيم منه من حيث إن الاعتماد على تعديل العدل عنده من باب الشهادة ولهذا اعتبر التعدد فيه وحجيته تعبدية لا مدخل للظن فيها وقوله وبالجملة إلخ فيه أن
(٣٠٤)