وضعفه ظاهر لان حصول الظن للغير بصدق الرواية لامارة يعتمد عليها لا يوجب حصوله لنا مع علمنا باختلاف الآراء في الامارات ولو صح ذلك لجاز العمل بكل رواية ضعيفة عمل بها فقيه نظرا إلى ظن العامل بصدقها وفساده ليس بموضع تأمل احتج من منع من القبول مطلقا على الصورة الأولى بما مر وعلى الصورة الثانية بأن تزكية الراوي شهادة فلا تقبل مع جهالة العين والجواب المنع من كونها من باب الشهادة بل مبناها على الظن كما مر مرارا فصل يجوز للراوي نقل الحديث بالمعنى ولا يسقط به عن الحجية ولا نعرف في ذلك خلافا بين أصحابنا و عليه أكثر مخالفينا وذهب بعضهم إلى المنع منه مطلقا وبعضهم إلى المنع في غير المرادف وموضع النزاع في الجواز ما إذا نقل مدلول الحديث بغير لفظه وأسنده بلفظ قال أو مرادفه وأما نحو أمر بكذا ونهى عن كذا أو صرح بنقل المعنى فلا كلام نعم ينبغي أن يستثنى من ذلك نقل الخطب والأدعية ونحوهما مما يستظهر منه عند إطلاق الاسناد نقل اللفظ نظرا إلى تعلق القصد به غالبا فلا يجوز نقله بالمعنى من غير قرينة تدل عليه وفي الحجية ما إذا لم يتعذر الوصول إلى الأصل مع احتمال التعميم أخذا بإطلاق المنع لنا أولا جريان طريقة السلف على ذلك كما يظهر بالتتبع والفحص ولم يسبق من أحد إنكار على الناقل ولا على العامل مع ما نرى من إكثارهم الانكار و القدح بما كانوا يعدونه من أسبابه كالرواية من الضعفاء والتعويل على المراسيل وما أشبه ذلك وذلك إجماع منهم على جوازه و حجيته وهو المطلوب وثانيا اتفاقهم على جواز تأثيره بالعجمية و الاعتداد به وبالقرينة أولى لأنها أقرب ويشكل بأن موضع الاتفاق على المطلوب جواز ذلك مع القرينة والاعتداد به مع تعذر الوصول إلى الأصل لا مطلقا وهو خارج عن محل البحث وثالثا أن الغرض من الخطاب إفادة المعاني فلا عبرة بخصوص الألفاظ ورابعا أنه تعالى قص القصص بلغة العرب وحكاها بلفظ القول وهي بين ما لم تقع بلغتهم وبين ما وقع بلغتهم لكن بلفظ وأسلوب آخر لاشتمال القرآن على فصاحة لا توجد في غيره ولا يساعد عليها وسع البشر و أيضا قد قص القصة الواحدة بعبارات مختلفة مع أن الواقع غير متعدد فالمنقول ليس إلا المعنى ويمكن دفعه بأن ما دل دليل أو أمارة على كونه نقلا بالمعنى ومنها الوجوه المذكورة فلا إشكال فيه لأنه نقل بالمعنى مع القرينة والكلام فيما تجرد عنها وأما فيما عدا ذلك فنمنع كونه نقلا بالمعنى تعويلا على الظاهر وخامسا شهادة بعض الاخبار بذلك كصحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص قال إن كنت تريد معانيه فلا بأس لا يقال لعل المراد الزيادة والنقصان في مقام التفسير أو الفتوى والتفريع أو النقل المقرون بالقرينة لأنا نقول إطلاق الرواية يقتضي عدم الاختصاص بذلك والتقييد يستدعي دليلا وإذ ليس فليس ويمكن الاحتجاج على حجية المنقول بالمعنى أيضا بالدليل العقلي إذ الوجوه المذكورة إذ لم تفد القطع بحجيته فلا أقل من إفادتها الظن بها وقد قررنا حجية الظن في الطريق حجة المنع وجوه منها أن قول الراوي قال ظاهر في صدور اللفظ فإذا أراد به نقل المعنى فقط كان كذبا وتدليسا والجواب المنع من ظهوره في ذلك لجريان العادة في الحكايات على خلافه فإن السامع إنما يحفظ المعاني غالبا دون الألفاظ لتعسر ضبطها مع عرائه عن فائدة يعتد بها فلفظ القول إما حقيقة في القدر المشترك أو مجاز شائع فيه بحيث لا ينصرف عند الاطلاق إلى نقل اللفظ ومنها أن فهم المعاني من الألفاظ بالاجتهاد وتعويل الفقيه فيه على نظر الراوي تقليد له و الجواب المنع من كونه تقليدا له بل التعويل عليه من حيث إفادته للظن بالمراد كالتعويل على نقل اللغوي بل كالتعويل عليه في نقل اللفظ ولو سلم أن مثل ذلك تقليد فبطلانه ممنوع والسند ظاهر مما مر مع أن الخطاب الشفاهي كثيرا ما يفهم منه معانيه بطريق الضرورة فإطلاق القول بأن المعنى يفهم بالاجتهاد ممنوع ومنها أنه لو جاز النقل بالمعنى وتكرر لادى إلى نقيض المطلوب إذ النقل لا ينفك عن تفاوت واختلاف ولو يسيرا والجواب أنا لا نجوز النقل مطلقا بل عند خلوصه عن التفاوت والاختلاف كما سيأتي ومنع إمكانه عادة واضح الفساد ومنها قوله صلى الله عليه وآله نصر الله من سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها وفي رواية رحم الله وقوله صلى الله عليه و آله فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه وفي رواية إلى من لا فقه له والجواب أن الرواية الأولى دعاء ولا دلالة فيها على الوجوب سلمنا لكن يصدق إذا أدى المعنى من غير تفاوت أنه أداه كما سمعه سلمنا لكن معارضة بما هو أقوى منها سندا ودلالة وقضية الجمع تنزيلها على تأدية المعنى كما سمع أو على الاستحباب والرواية الأخيرة لا تنافي النقل بالمعنى إذ مدار الفقاهة و التفريع على الاستنباط من المعاني غالبا مع أنها إنما تدل على وقوع النقل باللفظ لا على اختصاص جوازه به ولا يذهب عليك أن هذه الوجوه لو تمت لدل بعضها على منع الجواز وبعضها على منع الحجية ولا خفاء فيه على الناظر الفطن فصل اشترط القائلون بجواز نقل الحديث بالمعنى في جوازه أمورا منها أن يكون الناقل عالما بمواقع الألفاظ وهذا الشرط كما يعتبر بالنسبة إلى الكلام المنقول منه كذلك يعتبر بالنسبة إلى الكلام المنقول إليه والمراد من العلم بمواقع الألفاظ العلم بمداليلها وبما يلزمها باعتبار الهيئات والأحوال سواء علم ذلك بمساعدة الطبع أو بإعمال القواعد المقررة والظاهر منه اعتبار العلم التفصيلي فيتوجه عليه الاشكال بإمكان التعويل في ذلك على قول الثقة العارف بوحدة المفاد فيصح الاسناد حينئذ مع انتفاء الشرط ويمكن التفصي عنه بأن يراد بالعلم ما يعم التفصيلي والاجمالي الذي في الفرض المذكور فإن علم الناقل فيه بوحدة المفادين علم بمواقع تلك الألفاظ إجمالا أو يعتبر الاشتراط بالنسبة إلى الناقل من قبل نفسه كما هو الغالب ومنها أن لا يقصر النقل عن إفادة المراد ولعل المراد أن لا يكون النقل بحيث يظهر منه خلاف المراد
(٣٠٨)