الحجية وإنما قيدنا الحكم بعدم الواسطة بمحل الحاجة أعني ناقل الرواية لامكان تحقق الواسطة في غيرها فإن المكلف في أوائل بلوغه إذا لم يكن له ملكة حاجزة ولم يصدر عنه معصية لا يوصف بالعدالة و لا بالفسق وكذا الحال في المجنون قبل البلوغ إذا أفاق بعده و كذا المكلف إذا كانت له ملكة حاجزة عن فعل المعاصي مع ارتكابه لمنافيات المروة فإن قضية اعتبارهم لتركها في حد العدالة عدم صدقها بدونه هذا كله بحسب الواقع وأما بحسب الظاهر فربما يتعسر العلم بعدم الاتصاف بالفسق في غير الصورة الأخيرة لان جملة من أسبابه باطنية يبعد العلم بانتفائها مع عدم العلم بوجود الملكة و يشكل بجواز العلم بوجود الملكة بالنسبة إلى أسبابها الباطنية مع العلم بعدم صدور البواقي منه أو يكتفي في تركها بالظن المستند إلى ظاهر الحال كما هو قضية الاكتفاء بحسن الظاهر في طريق الملكة وقد يستند في منع العمل بخبر الواسطة بدلالة التعليل بالإصابة عليه لمشاركته الفاسق في خوف الإصابة والوقوع في الندم إذ المنشأ عدم الملكة دون وقوع الفسق فتأمل فيه السادس الضبط وهو أن يكون حفظه غالبا على سهوه ونسيانه ولا خلاف ظاهرا في اعتباره فإن من لا ضبط له لا وثوق بخبره لاحتمال الزيادة في روايته و النقصان والتغيير والتحريف احتمالا مساويا لعدمها أو قريبا منه فلا يبقى تعويل على خبره واعتبار هذا الشرط على قاعدة انسداد باب العلم وهي المعتمد عليها في الباب على ما مر واضح وأما على تقدير التعويل على الآيات أو الاخبار فلا بد من تخصيص عمومها أو تقييد إطلاقها بذلك لما مر وفي التعليل المذكور في آية النبأ إيماء إليه هذا والعبرة بالضبط في الرواية فلا يقدح عدم الضبط في غيرها مما لا تعلق له بها وإن بعد الفرض ولو كان ضابطا للألفاظ والمعاني عول على نقله باللفظ مطلقا وبالمعنى بناء على جوازه ولو كان ضابطا في أحدهما خاصة جاز التعويل عليه فيه خاصة ولو كان ضابطا في حال دون حال عول على نقله في حال الضبط واختص المنع بغيره وكذا لو كان ضابطا في الاخبار المتعلقة ببعض أبواب الفقه كالطهارة والصلاة دون بعض كالحيض وكان ضابطا مع عدم تطاول الزمان مع العلم به أو إخبار ضابط به أو إخباره مع ضبطه فيه لا مع تطاوله ولو تدارك غير الضابط بالكتابة ونحوها على وجه يحصل الوثوق بخبره جاز التعويل عليه وهل ثبوت الضبط على الأصل لأنه مقتضى الفطرة الانسانية لولا عروض المانع المنفي بالأصل وبشهادة الغالب به فلا حاجة إلى التصريح به بل يكفي عدم التصريح بخلافه أو على خلاف الأصل لكونه صفة حادثة والأصل عدمها وجهان أقواهما الأول لا سيما بالنسبة إلى مقام الرواية لما عرفت من أن التعويل فيها على الظن وبهذا يتضح الوجه في جواز الاعتماد على قولهم صالح أو متدين أو نحو ذلك مما لا إيماء فيه إلى الضبط وأما قولهم ثقة فهو متضمن للضبط إذ لا وثوق بغير الضابط و مثله قولهم مسكون إلى روايته أو أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ونحو ذلك فصل تعرف عدالة الراوي بالاختبار والصحبة الكاشفة عن وجود الملكة فيه كشفا قطعيا أو ظنيا مستندا إلى دلالة حسن ظاهره عليه وربما يظهر من بعضهم الاقتصار على القسم الأول وهو بعيد جدا لتعذره غالبا مع أن التعديل مما يتوفر الدواعي عليه ويكثر الاحتياج إليه ومن تتبع أحوال الرسول صلى الله عليه وآله وخلفاء المعصومين عليهم السلام علم بأن سيرتهم وطريقتهم كانت جارية على التعويل في العدالة على حسن الظاهر إما لأنه العدالة أو لأنه طريق إليها وفي بعض الأخبار المعتبرة السابقة دلالة واضحة عليه وفي حكم المعاشرة الوقوف على جملة من أحواله و أفعاله الكاشفة عن وجود الملكة وحسن الظاهر فيه وبتزكية العدلين فما زاد وهو موضع وفاق وباشتهاره بين الناس خصوصا بين العلماء والمحدثين ومعاملتهم معه معاملة العدل الثقة بالرجوع إليه و القبول لما يرويه وإن لم يصرح بتوثيقه كالصدوق ويمكن إرجاعه إلى الطريقة السابقة لكشفه عن حسن الظاهر وبتزكية العدل الواحد على المشهور وقيل بل يعتبر التعدد ومرجع النزاع إلى أن تزكية الراوي هل هي من باب الشهادة أو من باب الرواية أو مبناها على الظنون الاجتهادية فمن اعتبر فيها التعدد جعلها من القسم الأول ومن لم يعتبر فيها التعدد جعلها من أحد القسمين الأخيرين و من هنا يظهر أن الشهادة والرواية تفترقان بعد اشتراكهما في كونهما من نوع الخبر في أن الشهادة يتوقف قبولها على تعدد المخبر و ما في حكمه بخلاف الرواية وهذا مبني على مجرد الاصطلاح فلا يترتب عليه ثمرة ولا يتطرق إليه المشاحة وفرق الشهيد رحمه الله في قواعده بعد أن شركهما في نوع الخبر القطعي بأن المخبر عنه إن كان عاما لا يختص بمعين فهو الرواية وإن اختص بمعين فهو الشهادة ثم قال ويقع اللبس بينهما في مواضع منها رؤية الهلال من حيث إن الصوم لا يختص بمعين ومن اختصاصه بهذا العام بل بهذا الشهر ومنها المترجم من حيث صيرورته عاما للترجمة ومن حيث إخباره عن كلام معين ومنها المقوم والخارص والقاسم من حيث كونهم منصوبين لمطلق التقويم والخرص والقسمة ومن حيث إن إخبارهم إلزام بمعين أو تعيين له ومنها المخبر عن عدد الركعات والأشواط من حيث إلزامه لحقه تعالى فهو كالرواية ومن أنه إلزام بمعين ومثله المخبر بالطهارة والنجاسة ودخول الوقت والقبلة قال ويمكن الفرق بين طهرته ونجسته فتقبل في الأول لاستناده إلى الأصل بخلاف الثاني و لو كان ملكة فلا شك في القبول ثم نفي الخلاف في قبول قول المفتي والحاكم وعلل الثاني بأنه ناقل عن الله تعالى فهو كالراوي قال وأما قبول قول الواحد في الهدية وفي الاذن في دخول الدار و نحو ذلك فليس لكونه من باب الرواية لأنه خاص بل للقرينة المفيدة للقطع ولهذا يقبل وإن كان صبيا ثم قال
(٢٩٧)