الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ٣٠٧
دينية على الفعل لعدم مساعدة دليله على ذلك الخامس يعتبر في جواز التسامح أمور منها أن لا يعارضه دليل التحريم أو الوجوب وإن كان عموما أو إطلاقا فلو ورد دليل معتبر على تحريم شئ كالغناء مثلا على الاطلاق وورد رواية ضعيفة دالة على استحباب ذلك في خصوص مقام كالغناء في قراءة القرآن ومرثية الحسين عليه السلام لم يعمل بها إما لعدم انصراف إطلاق روايات الباب إلى مثل ذلك مع عدم مساعدة الشهرة وقاعدة الاحتياط عليه أو لان رواية النهي تتضمن الثواب على الترك وهي أقوى مستندا فتتعين للترجيح ومن هذا الباب منع البعض من صلاة الأعرابي نظرا إلى معارضة روايتها لعموم ما دل على أن النافلة كل ركعتين منها بتشهد وتسليم عدا الوتر ومن صلاة الغفيلة وشهبها لمعارضة روايتها لما دل عليه الأخبار المعتبرة من أنه لا تطوع في وقت فريضة ومنها أن لا يكون شاذا غير معمول به بين الأصحاب أو مخالفا لما هو المشهور بينهم لقوله عليه السلام ودع الشاذ النادر فإنه وإن ورد في الخبرين المتعارضين إلا أنه يعطي علية الشذوذ لترك العمل وهي مشتركة وفي حكم التصريح بالخلاف ما لو ظهر عنهم الاعراض كتركهم التعرض لبيان الحكم في مقام يقتضي البيان مع كون الرواية بحيث يبعد خفاؤها عليهم ومن هذا الباب ما ورد في بعض الاخبار من زيادة بعض الفصول والاذان وإعراض عن أصحابنا عنها فصل إذا قال العدل حدثني فلان أو قال فلان أو فلان عن فلان وأمكن روايته عنه بدون واسطة فالظاهر عدم الواسطة وإن كان قد يروي عنه بواسطة وإن أرسله أو ذكر واسطة مبهمة كقوله عن رجل أو عن بعض أصحابنا ففي قبوله و عدمه أقوال ثالثها القبول إن عرف أن الراوي لا يرسل إلا عن ثقة كابن أبي عمير على ما نص بعض علماء الرجال عليه وهذا مختار العلامة في أحد قوليه وجماعة وهو المختار وعن الشيخ القبول مطلقا إن عرف أنه لا يروي إلا عن ثقة وإلا فيشترط أن لا يكون له معارض من المسانيد الصحيحة وعن المحقق أنه حكى ذلك ساكتا عليه مؤذنا بالتوقف لنا على عدم القبول إذا لم يعرف إرساله عن ثقة أنا نرى بالعيان أن العدل كما يروي عن الثقة كذلك يروي عن غيره فليس في روايته عن رجل ما يوجب تعيين أحدهما ولهذا لا يعد رواية العدل عند التصريح بالاسم من طرق التعديل فإذا ثبت جهالة الواسطة لم يجز التعويل عليه ما لم ينجبر بجابر للشك في تحقق شرط جواز العمل به كما مر في المجهول ولنا على القبول إذا عرف إرساله عن الثقة حصول الظن والوثوق بروايته كالمسند إلى من عرف وثاقته فيجب التعويل عليه والعجب من الفاضل المعاصر حيث وافقنا على قبول المرسل في هذه الصورة مع مصيره إلى عدم التعويل على تعديل الراوي في المبحث المتقدم واحتج على مختاره هنا مشيرا إلى وجه الفرق بقوله لا لان ذلك تعديل للواسطة حتى يقال إنه على فرض تسليمه شهادة على عدالة مجهول العين ولا يصح الاعتماد عليه لاحتمال ثبوت الجارح بل لأنه يفيد نوع تثبت إجمالي إذ غايته أن العدل يعتمد على صدق الواسطة ويعتقد الوثوق بخبره وإن لم يكن من جهة العدالة عنده أيضا ولا ريب أن ذلك يفيد ظنا بصدق خبره وهو لا يقصر عن الظن الحاصل بصدق خبر الفاسق بعد التثبت انتهى وهو كما ترى لأنه إذا قيل في حق رجل لا يروي إلا عن ثقة فالظاهر منه أن المراد أنه لا يروي إلا عن ثقة عنده فإذا أرسل حينئذ فالظاهر أن إرساله عن ثقة عنده فكذا إذا قيل لا يرسل إلا عن ثقة فإذا جاز الاعتماد على هذا الظهور فمع التصريح أولى ثم قبول مثل هذا الراوي لكل ما يرويه غير مفهوم من الكلام المذكور لان مجرد الرواية عن الثقة لا يوجب الاعتماد على الرواية حتى على ظاهرها ولو سلم ذلك أو ثبت في مقام فإن كان من جهة عدالته عنده فالكلام فيه ما مر وإن كان من جهة أخرى فهي غير متعينة فيمكن أن يكون قبوله حينئذ راجعا إلى وجوه اجتهادية فلا تصير الرواية في حقنا حجة وإلا لوجب علينا العمل بكل رواية عمل بها أحد ثقات المحدثين مع خلوها عن المعارض وإن كانت ضعيفة السند وهو لا يقول به نعم لو أجمع أهل الجرح والتعديل على أن الراوي لا يروي أو لا يرسل إلا عن ثقة عندهم أو جعلنا الاطلاق مغنيا عن القيد الأخير كان ذلك ظاهرا في تعديل الواسطة وسلامته عن الجرح فيتجه القبول هنا وإن اخترنا المنع في المبحث المتقدم لكنه مع كونه مجرد فرض لم يثبت وقوعه مما يمكن تطرق القدح إليه باعتبار جواز تعديلهم للواسطة حينئذ من جهة إخباره بأنه لا يروي إلا عن ثقة تعويلا على تعديل الراوي كما هو مختار جماعة احتج من قال بالقبول مطلقا بوجوه الأول الاجماع الذي حكاه الشيخ حيث ادعى أن الطائفة عملت بالمراسيل مطلقا كما عملت بالمسانيد إذا لم يعارضها من المسانيد الصحيحة والجواب منع الاجماع على إطلاقه لاشتهار المخالف وإن أراد الاجماع على العمل به في الجملة ولو عند وجود جابر فلا كلام الثاني أن قضية سكوت العدل عن الأصل الذي يروي عنه تعديله لأنه لو لم يكن عدلا لبين حاله وإلا لكان تدليسا والجواب المنع من قضاء سكوته بالتعديل بل هو أعم منه كما يظهر من النظر في طريقة الرواة الثالث أن إسناد العدل الحديث إلى المعصوم عليه السلام يقتضي صدوره عنه وإلا لكان كذبا فيتعين القبول والجواب من وجهين الأول أن ذلك لا يجري حيث يصرح بالواسطة لان الاسناد إلى المعصوم عليه السلام حينئذ من الرجل المجهول لا من العدل الثاني أن إسناده إلى المعصوم عليه السلام حيث يسند إليه لا يقتضي علمه بصدوره عنه بل رجحان صدوره ولو بطريق الظن المعتبر عنده كما هو الغالب المتداول وأماراته لا تنحصر في وثاقة الراوي بل هي من جملتها فالتعويل على مجرد تعويله تعديل له في ذلك على أنه يمكن منع جواز التعويل عليه على تقدير ظهور دعواه العلم به لجواز أن يستند علمه إلى غير الحس من حدس وشبهه فيجري فيه ما يجري في الاجماع المنقول وقوى بعض المعاصرين جواز التعويل على هذا النوع تمسكا بأن العدل لا ينسب إلى المعصوم عليه السلام إلا ما حصل له الظن بصدقه إما من جهة العدالة أو التثبت وكلاهما يفيدان الظن
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»