تركه، وأنتم لا تستفيدون من مطلق الامر حكم الترك، وإنما تستفيدون أن الامر مريد للمأمور به. وقولكم: نحمله على أقل أحواله، تحكم، ولم يجب ذلك، ومن الجائز أن يكون هذا الآمر مع أنه مريد للمأمور به، كارها لتركه، كما أنه من الجائز أن لا يكون كارها لتركه، فالقطع على أحد الامرين بغير دليل ظلم.
فإن قالوا: لو كره الترك، لبينه. قلنا: ولو لم يكن كارها، لبينه فإن قالوا: الأصل في العقل كون الفعل والترك جميعا غير مرادين ولا مكروهين، فإذا تعلق الامر بأحدهما، علمناه مرادا، وبقي الترك على ما كان عليه، فلو تغيرت حاله، وصار قبيحا، ومما يجب أن يكرهه الحكيم، وجب على المخاطب بهذا الامر أن يبين ذلك من حاله، فإن البيان لا يتأخر عن حال الخطاب. وهذا الذي حكيناه أقوى ما يمكن أن يتعلق به في نصرة مذهبهم.
والجواب عن ذلك أنا لا نسلم - أولا - أن الفعل والترك جميعا