فدلالته يجب ألا تتغير.
وأيضا فإن الحظر العقلي آكد من السمعي، وقد علمنا أن ورود الامر بعد الحظر العقلي لا يمنع من اقتضائه الوجوب، وكذلك وروده بعد الحظر الشرعي.
وبعد، فإن كونه محظورا لا يمنع من وجوبه أو كونه ندبا بعد هذه الحال، وإذا كان لا يمنع من ذلك، لم تتغير الدلالة.
فإن قيل: ورود الامر بعد الحظر يقتضي إطلاق الحظر، قلنا: لا شبهة في ذلك غير أن إطلاق الحظر يكون بالايجاب والندب، كما يكون بالإباحة، فمن أين أنه يقتضي إطلاق الحظر من غير زيادة على ذلك.
واعتلالهم بأنهم لم يجدوا في الكتاب أمرا واردا بعد الحظر إلا و يقتضي الإباحة المحضة، باطل لان الوجود إذا صح ليس بدلالة لأنه يمكن خلاف ما استمر عليه الوجود، ولأنا لا نسلم ذلك أيضا، لان الله - تعالى - يقول: ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله، وحلق الرأس هيهنا نسك، وليس بمباح صرف.