وإذا تحصلت هذه الجملة، فالواجب في العبارة أن تقع بحسبها، فلك أن تحد النسخ بأنه ما دل على تغيير طريقة الحكم الثابت بالنص الأول في باب الاستمرار، لان ذكر الطريقة في الحد يبين أن التغيير لم يلحق نفس المراد، وإنما يلحق الايجاب، وكان الدليل الثاني كشف عن تغير الايجاب.
والدليل على الحقيقة هو الموصوف بأنه ناسخ، وإذا وصفوه - تعالى - بأنه ناسخ للأحكام، فمن حيث فعل - تعالى - ما هو نسخ. وإذا قيل في الحكم أنه ناسخ، فمن حيث كان دليلا، و لذلك لا يكون نسخا إلا مع المضادة. فأما المنسوخ، فهو الدليل الذي تغير حكمه بالدليل الناسخ وقد يوصف - أيضا - الحكم بذلك، لأنه المقصود بالدلالة. ولأنه هو الذي يتغير.