لكان هذا الاستفهام قبيحا، كما يقبح أن يستفهمه عن حكم ما يتعلق اللفظ به، فلو كان الأمران مفهومين من اللفظ، لاشتركا في حسن الاستفهام وقبحه.
فإن قيل: إنما يحسن الاستفهام عن ذلك لمن لم يقل بدليل الخطاب، فأما من تكلم بما ذكرتموه من الذاهبين إلى دليل الخطاب فهو لا يستفهم عن مراده إلا على وجه واحد، وهو أن يكون أراد على سبيل المجاز خلاف ما يقضيه دليل الخطاب، فحسن استفهامه لذلك.
قلنا: حسن استفهام كل قائل أطلق مثل هذا الخطاب معلوم ضرورة، سواء علمنا مذهبه في دليل الخطاب أو شككنا فيه، وأهل اللغة يستفهم بعضهم بعضا في مثل هذا الخطاب، وليس لهم مذهب مخصوص في دليل الخطاب. فأما تجويزنا أن يكون المخاطب عدل عن الحقيقة إلى المجاز، وأن هذا هو علة حسن الاستفهام، فباطل، لأنه يقتضي حسن دخول الاستفهام في كل كلام، لأنه لا