ويلزم على هذا المذهب أن يكون أكثر الكلام مجازا. لان الانسان إذا أضاف إلى نفسه فعلا من قيام، وأكل، وضرب، وما جرى مجرى ذلك، ليس يضيف إليها إلا ما له فيه مشارك، والإضافة إليه يقتضي ظاهرها على مذهب من قال بدليل الخطاب نفي ذلك الامر عمن عداه، فلا تكون هذه الأوصاف في موضع من المواضع إلا مجازا، وهذا يقتضي أن الكلام كله مجاز.
ويدل - أيضا - على ذلك أن من المعلوم أن لا يحسن أن يخبر مخبر بأن زيدا طويل إلا وهو عالم بطوله، فلو كان قوله:
(زيد طويل) كما يقتضي الاخبار عن طول زيد، يقتضي نفي الطول من كل من عداه، لوجب ان لا يحسن منه أن يخبر بأن زيدا طويل إلا بعد أن يكون عالما بأن غيره لا يشاركه في الطول ويجب أن يكون علمه بحال غير المذكور شرطا في حسن الخبر، كما كان علمه بحال المذكور شرطا في حسن الخبر، ومعلوم خلاف ذلك.