بأنا لا نفهم بها مراد المخاطب، وجدنا ذلك فيما علمنا حسنه ضرورة من خطاب الملك لخليفته، لان خليفة الملك لا يعرف من خطابه المجمل الذي حكيناه مراده الذي أحاله في تفصيله على البيان.
وإن عللنا قبحه بأنه مما لا فائدة فيه، فقد بينا أنه يمكن أن يدعى فيه فائدة، فإنه لا يعدو أحد أقسام الكلام المعهودة، ولا بد من أن يكون المخاطب - إذا كان حكيما - مريدا لبعضها. وإن عللنا حسن الأمثلة التي علمنا حسنها بأنها تفيد فائدة ما، أو مما يتعلق مصلحة المخاطب بها، بأن يعتقد ويعزم على الامتثال عند البيان، فهذا كله قائم في الخطاب بالزنجية. فلا بد من التعليل بما لا يقتضى قبح ما علمنا حسنه، ولا حسن ما علمنا قبحه.
ويمكن تعليل قبح الخطاب بالزنجية بأنه غير مفهوم منه نوع الخطاب، ولا أي ضرب هو من ضروبه، ألا ترى أنه لا يفصل المخاطب بين كونه أمرا أو نهيا أو خبرا أو استخبارا أو استفهاما