أول من سمع القرآن عقب نزوله والنبي يتلوه عليهم، وكانوا أول من علموا أسباب نزول كل آية ومناسباتها، وكان ذلك خير معين لهم على فهم المقصود من كل آية فهما صحيحا، وكانوا يعنون كل العناية بتفسير كل ما يتعلق بالأمور الدينية من حيث العقائد والعبادات وأركان الاسلام وأصوله وأحكامه لان هذا في نظرهم هو جوهر الدين، وما كانوا يشغلون عقولهم بالحقائق الكونية وأسرارها ونواميسها ولا يفكرون في أمرها إلى بقدر ما تدل عليه في نظرهم من قدرة الله تعالى وعظمته، وما كانوا يهتمون بالقصص القرآني ولا الخوض في شئ من أخباره إلا بقدر ما أتى به القرآن ولا يتعدون نطاقه ولا يلتفتون إلى ما يقوله القصاص الذين زادوا فيه كلاما دخيلا عليه من الإسرائيليات وخلافها.
التفسير القائم على اللغة ومعاجمها اللغوية:
إن معرفة اللغة العربية هي بلا شك الأساس في فهم القرآن لان الألفاظ القرآنية في ذاتها هي الوعاء له وهي أداة التعبير عن معاني القرآن وأهدافه ولا يمكن الاستغناء عن معرفتها، ومعلوم أن القبائل العربية وقت نزول القرآن لم تكن موحدة اللغة أو اللهجة بل كانت لكل قبيلة ألفاظها وتعابيرها الخاصة بها في إطار اللغة العربية العام، وقد امتازت قبيلة قريش بأنها وسط بين هذه اللغات واللهجات ولذا أنزل القرآن بها لأنها أقومها لسانا، وأعذبها بيانا، ولذلك كانت لغة القرآن هي أصح وأدق الأصول اللغوية والبيانية وصارت هي المقياس والميزان لكل ما يراد الاستشهاد على صحة عربيته.
وقد اتجهت عناية المسلمين وغيرهم من المستشرقين إلى دراسة مفردات القرآن الكريم وشرحها ووضع المعاجم والفهارس لألفاظه الغريب منها وغير الغريب للدلالة على معانيها لان القرآن أتى بألفاظ جديدة لم تكن معروفة ولا مألوفة قبل