ويتجلي إعجاز القرآن بصفة خاصة في وجهين هامين من إعجازه:
أولهما ما يتعلق بمنهاجه البياني وثانيهما منهاجه العلمي.
أما منهاجه البياني فقد لمسه العرب لأنهم كانوا أول من خوطبوا به وأدركوا ما في آياته من بلاغة وفصاحة وجزالة في ألفاظه ومعانيه، وقد أقروا بعجزهم عن تحديه، وظل إعجازه البياني قائما في الجزيرة العربية طيلة عصر النبوة وما بعده إلى ما شاء الله تعالى.
وأما منهاجه العلمي فقد كان إعجازا ممتدا على مدى العصور وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وذلك لما اشتمل عليه القرآن من علوم كونية وحقائق علمية وتشريعية لم تكن معروفة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وسيظل هذا المنهاج العلمي هو معجزة الأجيال كلها بما يظهر منها تباعا.
ومنهج الاعجاز البياني يتمثل في تأليف كلماته وتآخيها، وتلاقيها في عباراته المنسجمة وفى نظمها المحكم ورنينها الموسيقى، وقد جاءت المعاني القرآنية مؤاخية للألفاظ وكأن الألفاظ قطعت لها وسويت على حجمها، ومن أمثلة التناسق بين الألفاظ ومعانيها قوله تعالى: (والصبح إذا تنفس) فإن استعمال لفظ تنفس لا يمكن أن يوضع مكانه لفظ آخر ليؤدي معناها، وذلك لان التنفس يندرج فيه ثلاثة معان تتصل بالحياة الدائمة المستمرة أولها التنفس بمعنى الحياة وثانيها حركتها واستمرارها وثالثها تدرجها في الظهور شيئا فشيئا، فلو وضعت كلمة أشرق بدل تنفس أو أصبح أو أنار أو أضاء لا تقوم مقام تنفس ولا تغنى غناءها.
ومثل آخر للعبارات التي ترد في القرآن ولها معان لا يحل محلها أي تعبير آخر