العلوم الإلهية والكونية التي هي فوق مدارك البسر في زمان نزولها؟، إنها ولا شك من عند الله الذي أوحاها إليه في كتابه المبين، وما ألهمه إياها لبيان رسالة الدين الاسلامي الحنيف لأنه صلى الله عليه وسلم ما كان ينطق عن الهوى.
ولما انتشر الاسلام وعم نوره شيئا فشيئا تقدمت العلوم بتأثيره خلال العصور التالية التي أخذ العلماء والفقهاء فيها يدوسون القرآن دراسة مستفيضة ويتوسعون في فهم معانيه وأسراره ومقاصده، وقد ساعدهم على تلك الدراسة ما ابتكره المفكرون من وسائل وأجهزة ومختبرات، وما قدمه الامراء المسلمون والحكام المستنيرون من تأييد وتشجيع للعلماء لاحياء دولة العلم حتى استطاعوا بفضل جدهم واجتهادهم أن يضعوا أسس العلوم والمعارف التي قامت عليها الحضارة الاسلامية الزاهرة، وقد مكنت كشوف علماء المسلمين الناس أن يعرفوا ما في الكون من كائنات لها مقوماتها وقوانينها وعناصرها ذات المزايا والخصائص والسنن التي تحكمها، وفى ضوء هذه الكشوف العلمية المادية ظهرت آيات الاعجاز العلمي في القرآن واضحة جلية مع ما ظهر فيه من إعجازات أخرى كثيرة فيه من أبرزها إعجازه التشريعي.
لقد بدأنا الباب الثالث من هذا الكتاب بلمحة عن كوكبنا الأرضي وما يحيط به من سماء ونجوم وكواكب، وأشربا إلى أن هذا الكوكب كان في وقت من الأوقات قطعة من جرم الشمس انفصلت عنها، وفى خلال مرور ملايين السنين بعد الانفصال أخذت تبرد وتغمرها المياه التي تكونت من الغازات المنتشرة حولها وصارت بذلك صالحة لقيام الحياة بها للنبات والحيوان والانسان وقد برهن على ذلك علماء الفلك قديما بفضل اجتهادهم ومثابرتهم على المشاهدة